الجمعة، 27 ديسمبر 2019

قِصَّة قصيرة: سُهولٌ ورُبَى


بقلم/تسنيم طه

 

كنت أعلم بأنني لن أصادف اليوم سوى أطفال الحي، الذين سيتجمعون للعب كرة القدم ككلِ صباحِ، بعد إغلاق مدارسهم إلى أجلٍ غير مسمىً بسبب السيولٍ والأمطارِ التي ضربت مؤخرًا ولاية الخرطومِ.

 سيولٌ وأمطارٌ كتلكَ التي أصابت البلادِ بالدمار عام 1988م، تهدمت فيها الكثير من المدارسِ والمنازلِ والمستشفياتِ، ونفقت فيها نوق وجِمال وأبقار وحمير وكثيرٌ غيرها من الحيواناتِ، وهكلت فيها الطيورِ والدواجن، ومات فيها كثيرٌ من الناس.

أخذت صحيفتي التي اشتريتها من كشكٍ صغيرٍ يبيع الصحف اليومية بجوار موقف مواصلات "الحاج يُوسِف"، وخرجت إلى الشارع لأمارس عادتي اليومية في قراءتها تحت شجرة النيم الأصيلة الظليلة التي يذكرني عبق أوراقها بأنفاس المرحوم جدِّي.

مثلتْ هذه الشجرة طيلة عقودِ رمز لقاء سكان شارع الشَّلالية الذين كانوا يترددون على جديّ ثم على والدي، قبل أن يتعودوا إلقاء السلام عليّ كل يومٍ، مرةً في الصباح وهم ذاهبون إلى العمل وأخرى بعد العصر وهم عائدون منه.

لكن اليوم الجمعة، ولن يمر أحدٌ من أمامي، قبل ثلاث ساعات، إلّا المصلين الذين سيتوجهون لأداء الصلاة في جامع "الشيخ المقبول" على شارع "قصر الصداقة"، ليلتقوا ببقية سكان الحي، عندها سأكون ذهبتُ بدوري للصلاة في جامع "السيد علي الميرغني" في حي "حِلَّة خُوجَلي"، للقاء أصدقائي المنتمين للطريقة الخَتْمِيَّة. 

وضعتُ الصحيفةَ على الكرسي، وتقدمت لسقاية النباتات بـخرطوم المياه الأخضر الذي يُزاحمني فيه عمَّار، ابن الجيران، الطِّفلُ ذو السبع سنوات، السابق لزمانه بذكائه الحاد، الوحيد من بين أطفال الحي الذي لا يمل سماع حكاياتي عن جدي وقصصه التي حكاها لي تحت هذه الشجرة، وأولها وأكثره فخرًا بها حكاية مشاركته في حصار الخرطوم حتى سقوطها، وثانيها حكاية إيمانه بالمهدي الذي نجح في انهاء فترة الاحتلال المصري العثماني ليس بالسلاح وإنما بقوة الإيمان الذي سرى في قلوب أنصاره، وثالثها حكايات شخصيات ألهمته وأثرت في حياته كجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده والحلاج وابن عربي.

عمار هو الشخص الوحيد الذي يصغي باهتمامٍ لحكاياتي الموروثة عن جدي ولبقية حكاياتي عن نفسي:

حكايات لعب كرة القدم، أثناء مراهقتي، مع أبناء الحي في الميدان الترابي بجوار المقابر، ثم مزاحي معهم بتنبؤاتٍ لم أكن أظنها ستحقق وأنا أكرر لهم بأنني سأطوف مدنًا سودانية كثيرة قبل أن أجد حسناءً أتزوج بها يفوق جمالها جمال من غنى لها الفنان محمد وردي: "وَشِّكْ بين مَسَايْرِكْ زَي بَدْر اكْتَمَل"[1].

وحكايات دراستي في مدرسة "خُور طَقَتْ" الثانوية بمدينة "الأُبَيِّضْ" بكُرْدُفان، وحكايات"شجرة التَّبَلْدي"، وذكريات الحنين لـ «نشيد الوداع» للشاعر الاسكوتلندي روبرت برنز الذي جعلنا نذرف الدموع جداولًا أثناء تعانقنا وتريد كلماته:

"هل ننسى أيامًا مضت، هل ننسى ذكراها؟

هل ننسى أيامًا مضت مرحًا قضيناها؟".

وحكايات دراستي في "بَخْتْ الرِّضا" لتدريب المعلمين بمدينة الدِّوِيم بولاية النيل الأبيض، المعهد الذي تأسس قبل ميلادي بأربع سنوات، عام1930 نتيجة تقرير اللجنة التي كونها الحاكم العام للسودان بعد المذكرة التي تلت انتهاء إضراب طلاب كلية غردون، والتي قدمها "ج.س.سكوت" المفتش الأول للتعليم ينتقد فيها سياسة التعليم في السودان داعيًا فيها إلى إجراء إصلاحات أساسية.

وحكاياتي عن تنقلاتي كمدرس للغة العربية بمدرسة بَرْبَرْ المتوسطة بنين بولاية نهر النيل، ثم بمدرسة دنقلا الثانوية بنات بالولاية الشمالية، ثم بمدرسة المناقل الثانوية بنين بولاية الجزيرة، ثم بمدرسة المؤتمر الثانوية بنين بأمْ دُرْمان، ثم بمدرسة الحَلْفايا بنات بِبَحْري، ثم بمدرسة "الشجرة" الثانوية بنات بالخرطوم، حيث سألتقي بالحسناء ذات المساير ووجه القمر وأتزوج بها.

عمار، الطفل ذو السبع سنوات، يعشق سماع كل تلك الحكايات بينما بات يتضجر منها أحفادي وغيرهم من الكبار بعد امتلاكهم لهواتف نقالة واشتراكات إنترنت لامحدود، جعلتهم يقضون أوقاتهم في التواصل عبر العالم الافتراضي، ليهجروا تمامًا العالم الحقيقي، ولا يأتون لمجالستي تحت ظل شجرتي إلا عند حاجتهم لمشورة في أمر زواجِ أو خطبةٍ أو ختانٍ، أو لأشاركهم تشيع موتاهم إلى المقابر.

وهكذا أصحبت أشعر بالحزن لإدراك أنني لم أعد سوى شيخ عجوز يتوكأ عصاه ليذهب إلى المسجد، ليقابل أترابه القلائل بعد رحيل جلهم إلى دار الحق.

فتحت صنبور المياه وتقدمت، لكنني لم أكد أبدأ في رشِّ أوراق شجرة الريحان، حتى أحسستُ بعمارَ يقف ورائي، فالتفتُ إليه لأجده بعينين تتوسلان أن أعطيه الخرطوم لكي يمارس هوايته في رش نباتات حديقتي الصغيرة: شجرةُ ليمونٍ وشجيراتُ حناءٍ زكيةِ الرائحة، وأزهارُ "صباح الخير" بيضاءَ وحمراء، وشجرتي الأصيلةٍ التي صمدت بشجاعةٍ أمامَ هجمات اسراب الجراد التي غزت السودان في الخمسينات وأتلفت كثيرا من الأشجار والمحاصيل.

أعطيتُه خرطوم المياه وعدتُ لمكاني، لأستمتع بتقليب الصحيفة، متعمدًا الجلوس قبالته لأتمكن من مراقبته. رفعتُ نظارتي الطبية إلى عينيّ وشرعتُ في القراءة بادئًا بالخبر المتحدث عن " وصول وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا والسويد إلى الخرطوم الأسبوع المقبل"، فقلت في نفسي ربما تعيد هذه الزيارة علاقات من الاتحاد الأوربي، فترجع شركة "سودانير-Sudanair" إلى استئناف رحلاتها مع لندن وباريس وستوكهولم.

 ألقيت نظرة سريعة على عمار، ثم انتقلت للخبر المتحدث عن " مطالبة منظمة العفو الدولية بتسليم الرئيس المخلوع عمر البشير للمحكة الجنائية الدولية"، فمرت بذهني أهوال مخيمات اللاجئين بدارفور منذ نشوب الحرب الأهلية عام 2003م، وجعلتني أتساءل إن كان تسليم الرئيس المخلوع سيشفي غليل أمهات الشهداء ولاجئي معسكرات الحرب. ثم عبرتُ بسرعة إلى الخبر الثالث المتحدث عن "وصول خمسة بواخر محملة بمشتقات النفط إلى ميناء بورتسودان"، فدعوت الله أن تكون بارقة أملٍ تحل أزمة البنزين وتريح سائقي الرَّكْشات من الوقوف المطول في صفوف محطات الوقود.

وقبل أن انتقل إلى تفاصيل خبر زيارة الرئيس الأرتري أسياس أفورقي إلى الخرطوم السبت المقبل، سمعتُ أحد الأطفال ينادي عمار بصوتٍ عالٍ راجيًا إياه للعودة واستئناف اللعب معهم، فخشيت أن يلقي الطفل بخرطوم المياه على الأرض دون أن يغلق الصنبور فتتحول الأرض إلى بركة من الطين. فالتفت إليه بجزعٍ، ثم اطمأننت عندما وجدته منغمسًا في الرش وهو يدندن أغنية فرقة ألوان الطيف:

"أوعك تقطع صفقة شجرة

عشان ما يجينا جفاف وتصحر".

وعدت أستأنف القراءة بتركيزٍ لم يخرجني منه إلا وقوف عمار أمامي عاقدًا ذراعيه أمام صدره يناظرني بعينين ثاقبتين كعيني صقر، فسألته ما به، فباغتني بسؤالٍ لم يسألني له أحدٌ من قبل، فتفرستُ في وجهه الصغير بفضولٍ ثم سألته لماذا يفترض أن يكون لدي أسمٌ آخرٌ، فعلل بنبرةٍ واثقةٍ بأنه فكر طويلًا ولم يفهم لماذا يناديني سكان الحي بـ"عم حجازي" ويطلقون على شجرتي شجرة "غُردون". فأزحتُ النظارة عن عيني لأطالعه بذهولٍ وانبهار من حدة ذكائه. ولما طال تأملي له فاجأني بـ:

-        جدو حجازي، إنت اسمك الحقيقي غُردون، مش كدة؟

فانفلتتْ مني قهقهة عالية جعلتْ بائع الخردوات الذي كان يمر من أمامنا صائحًا: "خُرَدْ، خُرَدْ" ينتفض، ثم يهوي بسوطه على ظهر حماره الهزيل لينطلق مسرعًا في اتجاه "حِلِّة خُوجَلي".

فارتفعت قهقهتي من منظر الرجل المفزوع الذي ولى هاربًا وكأنه ظنَّ أني أضحك عليه، ولما أفقت من ضحكي الهستيري وجدتُ عمار يطالعني بغضبٍ عبر عنه باتهامه لي أنني أسخرُ منه، فمسحتُ دموعي وطلبتُ منه أن يقترب، ففعل منكسًا رأسه، فتلقيته بين ذراعي وعانقته بقوة، ثم قبلته على رأسه قبل أن أبعده لأنظر في عينيه وأؤكد له أن سبب ضحكي كان من صاحب الكارُّو، فلانت ملامحه، فاسترسلت في مدح ذكائه، فابتسم، فشعرت بالراحة، فعانقته من جديد وهمست له أنه عندما يبلغ الثالثة عشر من عمره ويدخل الصف الثامن سيدرس عن تاريخ الثورة المهدية ليتعرف على غُردون. فابتسم، فأجلسته على حجري وأخبرته أن أصدقائي أطلقوا على شجرتي شجرة غُردون لأنني كنت أنقل لهم تحت ظلها، حكايات نسيبي والد المرحومة زوجتي، عن عمال الري المصري والبعثات المصرية التي كان قد قصها لي تحت "شجرة غُردون" أو شجرة "محو بيك" في حي "الشجرة" بالخرطوم.

حك عمار رأسه ثم سألني عمن يكون هو غُردون، فعلمت أنه لن ينتظر ست سنوات ليبلغ الثالثة عشر ليتعلم عن الثورة المهدية وعن حصار الخرطوم، فقصصت عليه حكاية أشهر جنرالات العصر الفكتوري، الذي شارك في "حرب القرم" التي نشبت بين الإمبراطورية الروسية والدولة العثمانية بين عامي 1853-1856، ثم في "حرب الأفيون الثانية" في الصين قبل احتلال العاصمة "بكين" والعودة إلى شنغهاي مع أربعة ألفٍ من الفلاحين الصينيين المكلفين لقمع ثورة "تايينغ".

كانت عينا عمار تشعان فضولًا وهو يستمع لإسهابي في قصة غُردون الحقيقي الذي كرمته بريطانيا على شاكلة "لورانس العرب" ولقبته بـ "غُردون الصين" قبل أن يتم ابتعاثه إلى السودان لمواجهة "الثورة المهدية"، بعد تلقيه دعوةً من خديوي مصر لمهمة رسم خريطة لنهر النيل في مناطق جنوب السودان وأوغندا.

ختمت كلامي بقول إن الاسطورة البريطانية، الذي لم يعرف في حياته سوى الانتصارات، لقي حتفه في فجر الاثنين السادس والعشرون من يناير عام 1885، عندما اقتحم الثوار أنصار المهدي ومن بينهم جدي، بعد حصارٍ استمر 317 يوم، قصر الحاكم في الخرطوم، وقتلوه لينهوا بذلك حقبة العهد التركي التي كانت قد استمرت منذ عام 1821م.

توقفتُ عندما لاحظتُ عينيّ عمار تحدقان في الفراغ، فسألته ما به، فقال إن قصة غُردون الحقيقي تذكره بقصة "إدارد نِد ستارك"، بطل مسلسل "صراع العروش"، وبطل فانتازيا أغنية "الجليد والنار" وحاكم قلعة "وينترفل" القديمة في شمال مملكة "ويستروس"، وبأنه سيموت في نهاية المسلسل مقطوع الرأس مثل غُردون، ابتسمتُ له، فسألني إن كنت أشاهد مسلسل "صراع العروش"، فهززتُ رأسي بالنفي، ثم أخبرته أن آخر عهدي بالمسلسلات كان أيام التسعينات عندما كان أحفادي يشاهدون مسلسلات الكرتون: "مدينة النخيل"، و"لحن الحياة"، و"ماوْكلي فتى الأدغال"، و"طمطوم"، و"نوار"، و"عودة سنبل"، و"سالي"، و"بابار فيل" و"كابتن ماجد". واصل عمار التحديق في وجهي بفضولٍ، وقبل أن يسألني عن التفاصيل قلت ممازحًا أن هذه المسلسلات لا يعرفها جيل "الآيفون" و"الآيباد" مثله، فضحك ثم طلب مني أن أكلمه عن "كابتن ماجد".

في تلك اللحظة شعرتُ بوقوف ثلاثة من أصدقائه بجوارنا كانوا يتحينون الفرصة للانقضاض على صديقهم، وقبل أن أكلمه عن كابتن ماجد هجم عليه اثنان وسحباه من يديه بينما ظل يدفعه الثالث من الخلف إلى أن أعادوه إلى الميدان الترابي الملاصق لمقابر "حِلَّة حمد"، التي تضم أجساد أغلب أصدقائي، واثنان من أبنائي وجسد زوجتي وجسد حفيدي العشريني، أحد شهداء فض اعتصام القيادة، وكثيرٌ غيره من شهداء ثورة ديسمبر، وآخرهم وليد، شهيد الاعتصام المدني، المقتول في حي المزاد، الذي تلقى رصاصة غاضبة عندما لم يتحمل الشرطي أن يقول له:"ياجنابوا اشتغلوا شغلكم وفكوا بمبانكم وأزيلوا الترس، واحنا بنشتغل شغلنا وبنرجع الترس تاني".

تابعتُ عمار يدخل الملعب ويستأنف اللعب بمهارةٍ وحرفيةٍ ذكرتني بحواراتٍ سابقةٍ معه، أفصح لي فيها عن أمنيته أن يصبح لاعب كرة مشهور مثل كرستيانو رونالدو ونيمار أو ميسي، ليكي يلعبَ في يومٍ من الأيام في النوادي الأوربية الكبيرة مثل نادي برشلونة الإسباني أو اليوفنتوس الإيطالي أو سان جيرمان الفرنسي.

ذلك اليوم عندما سألته، لكي أختبر معلوماته، إن كان يعرف قاقرين وإبراهومة وحمد بريمة، صمت طويلًا ثم قال بتردد بأنه يعرف الأول فقط لأنه أول رجل وصل إلى القمر، فكتمت ضحكتي خشية أن يغضب مني، ثم وضحت له بهدوء عن اختلاط معلوماته، لأن "يوروي قاقرين" الذي يعرفه، هو أول إنسان يتمكن من الطيران إلى الفضاء الخارجي والدوران حول الأرض، أما أول رجل وصل إلى القمر هو "نيل آرمسترونغ"، فنظر إليَّ بفضول، فواصلت كلامي وقلت أن قاقرين الذي أقصده هو "عَلي قاقرين" وهو والاثنان الآخرين من أشهر لاعبي فريق المريخ وكرة القدم في السودان كشهرة ميسي ونيمار وكرسيتانو رونالدو في العالم، فاغتم وجهه قبل أن يسـألني بصوت حزين:

-        جدو حجازي، إنت مريخابي؟[2]

فكذبتُ وقلت: "لا"، لكي أطمئنه فأنجح في إعادة تلك الابتسامة الماكرة التي يتنكر بها ليخفي انهزامه الذي لن يعترف به أبدًا، فأشاع وجهه رضىً، فحاولت إدخاله في هزيمة أخرى وسألته إن كان قد سمع بهذه الكلمات:

يلا أولاد المدراس.....في رُبَى السودان وسَهْلُه

يلا شخبطوا في الكراريس.... أكتبوا الواجب وحَلُّه.

وكنت متأكدًا بأنه لن يستطيع الخروج من هذا المأزق، لكنه خيب ظني عندما صرخ بحماسٍ بأن لديه صديقة جميلة وموهوبة وذكية جدًا، تحب الموسيقى والرسم والغناء، تُدعى " رُبَى" هي من علمته كلمات هذه الأغنية لفرقة عقد الجلاد الموسيقية لأنها تحتوي على اسمها، فكانت تلك السهول وتلك الرُّبى هي من جعلني أنهزم أمام عمار تلك المرة.

نفضت الذكرى البعيدة، وعدت للانغماس في قراءة الصحيفة، تاركًا عمار يدور بالكرة باحترافية في الميدان الترابي.



باريس 27 ديسمبر 2019


[1] (وجهك بين ضفائر شعرك كالبدر ليلة التمام).

[2]  كلمة مريخاب تدل على مشجعي فريق كرة القدم "المريخ"، وهو فريق "الهلال" يمثلان أكثر الفرق الرياضية شعبية في السودان.

الأحد، 22 ديسمبر 2019

مقال: واقع تعليم اللغة العربية في أوروبا الغربية

بقلم/تسنيم طه

 تحتل اللغة العربية المرتبة الخامسة عالمياً بعد الصينية والاسبانية والإنجليزية والفرنسية، وتعتبر اللغة الرسمية لأكثر من 22 دولة في العالم، واللغة الام لأكثر من 300 مليون شخص.

ومما لا شك فيه، فإن اللغة العربية وصلت منزلة من المكانة العالمية والانتشار لم تشاركها فيه لغة أخرى سوى اليونانية القديمة واللاتينية اللتان تقاسما معها هذا الشرف لكونهما كانتا نواةً مهمة لفكر ديني تبشيري أو لفكر سياسي.  فانتشار اللغة العربية كان في بادئ الامر نتيجة للفتوحات الإسلامية التي وصلت حدودها من الصين شرقاً وحتى اسبانيا غرباً في فترة لا تتجاوز الـ92 عام من بعثة رسول الإسلام النبي محمد عليه الصلاة السلام. ثم بعد ذلك، 
وكما بلغت اللغة العربية هذه المكانة التي وصلت إلى الأوج مع امتداد الدولة الإسلامية، انهارت كذلك وتراجعت بعد انهيار الدويلات الإسلامية في الغرب وخصوصاً بعد سقوط دولة الاندلس في القرن الخامس عشر حتى أفلت معالمها تماماً في بلاد استبدلت فيها المساجد بالكنائس لتندثر بذلك جل آثار الثقافة العربية. ولكن دخول اللغة العربية الى أوروبا كان أمراً حتمياً إذ تجدد مع دخول المستعمرين الأوروبيين إلى البلدان العربية وجلبهم للأيدي العاملة لتعمير بلاد الغرب إثر الخراب الذي لحق بها بعد الحربين العالميتين.

 تمثل الجالية العربية اليوم نسبة كبيرة من سكان أوروبا ينتشر جلهم بشكل كثيف في فرنسا واسبانيا والمملكة المتحدة وإيطاليا وهولندا وألمانيا والسويد وبلجيكا والدنمارك. ففي فرنسا وحدها يُمثل العرب الذين ينحدرون من المغرب العربي أكبر مجموعة عرقية بعد الفرنسيين، إذ أن هناك أكثر من 6 مليون شخص عربي يقيمون على الأراضي الفرنسية لتصبح بذلك العربية اللغة الثانية في البلاد. بينما في المانيا تُمثل نسبة العرب أو الألمان الذين ينحدرون من أصول عربية 5.2 في المائة، وهم يشكلون بذلك ثاني أكبر مجموعة من المهاجرين المسلمين في المانيا بعد الاتراك.
 وعن عرب بريطانيا، الذي ينحدر غالبتهم من العراق واليمن ولبنان، تبلغ حوالي 500 ألف نسمة معظمهم من طالبي اللجوء السياسي ورجال الاعمال والمهاجرين الجدد والطلاب الذين يعيش أكثرهم في 
Greater London. وفي هولندا تُمثل نسبة المواطنين الذين ينتمون الى أصول عربية 12 في المائة من سكان البلاد. أما في اسبانيا، فيقولون لو أن الملكة اليزابث لم تطرد أبا عبد الله الصغير، آخر ملوك الطوائف من غرناطة صبيحة يوم الاثنين 2 يناير عام 1492، لكانت اسبانيا اليوم الدولة الـ 24 في جامعة الدول العربية.

 لكن رغم ذلك فالعرب لم يخرجوا تماما من شبه الجزيرة الآيبيرية لأنه عندما طردتهم تلك الملكة الكاثوليكية من الباب عادوا من النافذة، بل إن الكثير منهم لم تطأ قدماه بوابة الخروج من الفردوس. ثم بعد ذلك توالت موجات الهجرات العربية بتدفق، لا سيما بعد انضمام اسبانيا إلى الاتحاد الأوروبي عام 1986 وخصوصا هجرة السوريين بعد أحداث حماة في ثمانينيات القرن الماضي. وتشير الاحصائيات اليوم إلى أن نسبة العرب المقيمين في اسبانيا بلغت نحو ستة ملايين، أي ما يعادل نسبة 12 في المائة من عدد السكان وغالبتهم من المغاربة.

المؤسسات والمدارس التي تُعنى باللغة العربية في أوروبا:

تضافرت عدة عوامل وأسباب، نتيجة لهذا التواجد الكثيف في بلاد الغرب، دفعت بالمهاجرين إلى التفكير بطريقة جادة لإيجاد بديل لغوي واجتماعي يسهل عليهم قساوة الغربة وبرودة أجواء الجزء الشمالي من الكرة الأرضية أو سقف العالم، كما يسميه البعض، بعد أن أصبح محطاً لرحالهم.

 فقد واجهت نسبة كبيرة من هؤلاء المغتربين صعوبة الاندماج في المجتمعات الجديدة نتيجة لواقع الانخراط التام في العمل والبحث عن لقمة العيش. وقد كان هذا التأزم حاضراً بشكلٍ ملحوظ في كلٍ من هولندا والدول الاسكندنافية وذلك عندما وقف حاجز تعلم اللغة المحلية العائق الأكبر أمام نجاح عملية الاندماج في تلك المجتمعات. ويرجع هذا السبب إلى أن معظم المهاجرين وجدوا أنه من غير المجدي تكبل عناء تعلم لغات محلية لا يستخدمها الا أهلها وعدد قليل من سكان العالم في الجزء الجنوبي من القارة السمراء. 

إضافة إلى ذلك، لعبت صعوبة شروط الدراسة في الجامعات الأوروبية التي تتطلب التفرغ التام من جهة وارتفاع تكاليفها من جهة أخرى، دوراً هاماً في تثبيط همم هؤلاء المهاجرين، الامر الذي دفع بهم في نهاية المطاف إلى البحث عن ملاذ حقيقي وبديل تعليمي بإمكانه تذليل وعورة مشوار الحياة في الغربة وإشباع حاجاتهم النفسية والاجتماعية واللغوية. وهكذا ولدت فكرة إنشاء مدارس وجامعات ومؤسسات عربية تقوم بتدريس اللغة العربية في بلاد المهجر.

مدرسة المعارف بمدينة هلنسبورغ بالسويد:

 أغلبية العرب المهاجرين المقيمين في السويد أو فيما يجاورها من دول اسكندنافيا ينحدرون من أصول عراقية وفلسطينية وسورية. وقد استفادت هذه الجاليات العربية التي باتت جزءاً لا يتجزأ من مجتمع السويد من قوانين هذا البلد التي تقر على أحقية كل الجاليات في الحفاظ على معتقداتها وحتى لغتها.  فنرى عندما أقرت وزارة التربية السويدية بأحقية التلميذ العربي في تلقي مواد باللغة العربية داخل المدارس السويدية، تم تعيين المئات من معلمين اللغة العربية من قبل البلديات، الأمر الذي بعث الأمل في نفوس أولياء الامور في جعل أبناءهم يحظون بما حظو به هم في بلادهم خاصة وأن المناهج التي تُدرس في هذه المدارس هي مناهج صممت لتدريس اللغة العربية في البلاد العربية وليس كمناهج تدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها. إضافة إلى ذلك تم تشكيل مدارس خاصة تعرف "بالحرة" يُسمح فيها بتعليم الأطفال دروس إضافية غير موجودة في المدارس السويدية بشرط أن تتبع النظام التربوي السويدي. أما الفائدة الأكبر فقد كانت بأن تمكن هؤلاء المهاجرين من إقامة عشرات المدراس العربية الإسلامية الخاصة تتوزع بين مدن السويد الكبرى. فعلى سبيل المثال توجد بمدينة يوتوبوري وحدها، الواقعة في الجنوب، والتي تعتبر ثاني أكبر مدن السويد بعد العاصمة استكهولم 26 مدرسة حرة غير حكومية منها 7 مدارس دينية: 4 مسيحية، اثنين إسلامية وواحدة يهودية.

ولكن أهم هذه المدارس هي مدرسة المعارف بمدينة هلنسبورغ وذلك لما حققته من نجاح كبير في تبديد مخاوف الآباء على مستقبل أبنائهم وسلوكهم. فقد تمكنت هذه المدرسة في المساهمة في مساعدتهم على التواصل مع المجتمع السويدي وعدم الانعزال عنه وذلك من خلال احتضانها التام للتلاميذ وتوفير أسباب النجاح لهم عبر جهود مدرسين عرب وسويديين أكفاء. علماً بأن المدرسة هي مؤسسة تعليمية ابتدائية خاصة تساعد وتدعم التطوير الذاتي للتلاميذ من خلال تنشئتهم ليكونوا قادرين على الاندماج في المجتمع السويدي مع الحفاظ على اللغة والثقافة العربية. ومن الأمور الأخرى التي جعلت هذه المدرسة متميزة عن غيرها هي أن المناهج التعليمية المقررة فيها هي نفس المناهج التي تُدرس في المدارس السويدية بالإضافة للاهتمام الخاص باللغة العربية والتربية الإسلامية ويتم التدريس فيها باللغة السويدية في جميع المواد ماعدا اللغة الأم.

المدارس السبتية ببريطانيا:

توجد ببريطانيا أكثر من 150 مدرسة عربية تم انشاءها نتيجة لمخاوف الآباء على أبنائهم من تلك الحرية التي يمنحها لهم هذا البلد. فهم يعرفون مسبقاً أنهم لو تركوا أولادهم يُربون فقط حسب هذه الثقافة الأوربية فإنهم لا محالة سيتركون بيوت آباءهم بمجرد بلوغ سن الرشد. هكذا ولدت فكرة انشاء المدراس العربية لعدم السماح لهؤلاء الأبناء بالوقوع في القطيعة التامة للثقافة أجدادهم ولغتهم الأم.

ومعظم المدارس العربية في المملكة المتحدة هي مدارس سبتية أو تعتمد نظام الدوام الجزئي، أي تقوم بتخصيص يوم واحد فقط في الأسبوع لتدريس اللغة العربية والدين الإسلامي. باستثناء " أكاديمية الملك فهد بلندن" التي يعود تأسيسها إلى بداية الثمانينات والمدارس الليبية التي بلغ عددها 21 مدرسة والتي تعتمد على عدد كبير من المدن البريطانية.

ويوجد الآن، على حسب ما تشير اليه أحدث الاحصائيات، ما يفوق الـ 25 مدرسة سبتية تُدار غالبيتها بواسطة عراقيين ولبنانيين. بيد أن هذا النوع من المدارس فتح مجال التساؤل عن طبيعة المناهج وعن مدى استفادة الطلبة منها، خاصة وأنها تتزامن مع عُطلة نهاية الأسبوع وتشكك في الفائدة من دسامة المادة العلمية التي تُعطى للطلبة دفعة واحدة وفي يوم واحد فقط.
 وقد حسمت الملحقية الثقافية السعودية في بريطانيا وإيرلندا هذا النقاش عندما تعلق الأمر بالمدارس السعودية حول مدى فائدة هذه المدارس وذلك عندما قامت بإقفال جميع المدارس السعودية التي كانت تعرف بــ "مدارس الأندية"، وأحالتها إلى مجامع للتقوية مع تحويل كل الطلاب فيها إلى نظام الانتساب. وتجدر الإشارة إلى أن المدرسة السعودية بلندن تعتبر من أهم هذه المجامع وهي تقوم بتدريس المنهج السعودي بجميع مواده وتشرف الملحقية الثقافية بالمملكة المتحدة على الامتحانات التي يخوضها الطلاب في نهاية العام.

ويتم تدريس اللغة العربية في بريطانيا أيضاً من خلال الاكاديمية العربية المفتوحة ببريطانيا 


جامعة ابن رشد بهولندا:

توجد بهولندا العديد من المدارس والجامعات والمعاهد التي تُدرس اللغة العربية من أهمهما معهد ثقافات الشرق الأوسط بجامعة نايميخن ومعهد الثقافة العربية بجامعة أوتريخت وجامعة ابن رشد.

تمثل الجالية العربية المقيمة في هولندا حوالي 12 في المائة من مجموع السكان ولان كثير منهم لا يتقن اللغة المحلية بمستوى يسمح له بمتابعة الدراسة الجامعية كانت فكرة الالتحاق بمدارس عربية تلح عليهم للبحث عن بديل. ونتيجة لهذا الطلب ولدت فكرة جامعة ابن رشد المُنطلقة من تأسيس المعهد الأوربي العالي للدراسات العربية وهي مؤسسة اكاديمية تستخدم نظام التعليم الالكتروني ونظام الانتساب، ومن أولوياتها تعليم اللغة العربية لأبناء الجاليات العربية ومحو الامية التي باتت تتسع في بلاد المهجر نتيجة لظروف العائلات العربية وانتساب ابناءهم بمدارس لا تهتم باللغة العربية او باللغة الام على النحو المنتظر.

 

الأكاديمية العربية المفتوحة بالدنمارك:

يعيش في الدنمارك ودول الجوار في اسكندنافيا أكثر من ربع مليون شخص عربي حاصلين على الشهادة العربية أو ما يعادلها، جلهم يرغب في إكمال دراسته الجامعية الأولية. كما أنه يوجد هناك حوالي 5 ألف من حملة البكالوريوس في العلوم الإنسانية كانوا قد حصلوا عليها قبل إقامتهم في الدنمارك أو في دول الجوار، منهم نسبة كبيرة تود مواصلة الدراسات العليا في مجالات التخصص أو ما يوازيها.

لذلك، ومن أجل تلك العوامل التي ذكرت آنفاً، فيما يخص الصعوبات التي تقف حاجزاً أمام المهاجرين للانخراط في الجامعات الاوربية، أُنشئت فكرة التعليم المفتوح باللغة العربية كحل بديل بوسعه إرضاء مطالب وآمال أبناء الجالية العربية بصورة عامة والعراقية بصفة خاصة لكونها تمثل النسبة الأكبر للمهاجرين في دول اسكندنافيا.

 تحظى الاكاديمية العربية بمكانة هامة لكونها تجمع بين الدراسة عن طريق المراسلة والدراسة التقليدية. فهي تقوم بتوفير الكتاب الجامعي المخصص لطلبة الجامعات المفتوحة وتحرص على أن يكون سلس المحتوى عميق الفكرة بحيث يقوم بلعب دور المعلم والمكتبة في آنٍ واحد.

كما تقوم بتوفير الأشرطة الممغنطة والإلكترونية المرافقة للكتاب الجامعي من محاضرات في المجال المقرر خاصة للمواد التي تحتاج تلمذة على أيدي أساتذة كالرياضيات والإحصاء والمحاسبة والتحليل المالي وغيرها.

وفي نهاية العام، تعمد الجامعة إلى القيام بالمحاضرات التمهيدية للامتحانات النهائية لبعض المواد خاصة في الشهر الأخير، لكي توفر للراغبين في المتابعة الفائدة القصوة. وبما أن الحضور لهذه المحاضرات اختياري فانه يمكن لبقية الطلبة التواصل مع الأستاذة والجامعة عبر الموقع الالكتروني للجامعة.

وبجانب الأكاديمية العربية المفتوحة، توجد هناك جامعات ومراكز أخرى في اسكندنافيا تهتم بتدريس اللغة العربية منها مركز دراسات الهجرة وشعبة اللغات الشرقية بجامعة استكهولم؛ معهد كارستن نيبور لدراسات الغرب المشرقي بجامعة كوبنهاغن؛ شعبة دراسات الشرق الأوروبي والعربي بجامعة أوسلو؛ كلٌ من شعبة لغات وثقافات الشرق وشعبة تاريخ السودان الدراسات والصوفية؛ وأخيراً مركز الشرق الأوسط والدراسات الإسلامية بجامعة بريغن.

كما وتُدَرس اللغة العربية في عدة جامعات أخرى في بقية أنحاء أوروبا من خلال شُعب وأقسام اللغة العربية أو الدراسات الشرقية.

ففي اسبانيا تهتم كل من شعبة الدراسات العربية بالمجلس الأعلى للبحث العلمي بمدريد بتدريس اللغة العربية. كما تُدَرس اللغة العربية ببلجيكا في كل من مركز الإسلام في أوروبا بجامعة غينت ومعهد فقه لغات وتاريخ الشرق بجامعة بروكسل الحرة. أما في سويسرا يهتم كل من قسم الدراسات الشرقية بجامعة بازيل ومعهد الدراسات الإسلامية واللغات الشرقية بجامعة بيرن وشعبة اللغات والآداب المتوسطية السلوفانية والشرقية بجامعة جنيف بتعليم اللغة العربية. 

أما في بريطانيا فعدد الجامعات والمراكز المستقلة التي تُدَرِّس اللغة العربية يفوق العشرات أهمها: مركز الدراسات الإسلامية والعلاقات المسيحية الإسلامية بجامعة بيرمنغهام؛ مركز الشرق الأوسط والدراسات الإسلامية بجامعة كامبردج؛ معهد أدنبرة للدراسات الإسلامية والشرق الأوسط بجامعة ادنبورغ؛ مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة لندن؛ شعبة دراسات الشرق الأوسط بجامعة مانشتر؛ كلية الدراسات العربية والشرق الأوسط بجامعة سانتا أنروز؛ وأخيراً مركز الدراسات اللبنانية بأكسفورد. وعن أهم الجامعات الألمانية التي تولي عناية للغة العربية، تعتبر جامعة فرانكفورت وجامعة بون والجامعة العربية الألمانية للعلوم والتكنولوجية بكولن والجامعة الحرة لبرلين من أهم الجامعات التي تُعنى بشأن اللغة العربية على نطاقٍ واسع. أما بالنسبة لإيطاليا، فيتمركز تدريس اللغة العربية حول أشهر أربع مناطق وهي جامعة بولونيا وجامعة البندقية والمعهد الإيطالي لأفريقيا والشرق ومعهد الشرق الجامعي.

 

فرنسا: بلد الـ 7 مليون عربي:

تبلغ نسبة العرب المقيمين في فرنسا حوالي 6,46  مليون شخص حسب احصائيات المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية لعام 2011. ويعتبر الدين الإسلامي < 60 في المائة من مجموع السكان تقريباً> الدين الأول في البلاد وتحتل اللغة العربية المرتبة الثانية بعد اللغة الفرنسية. وقد وشهد الإقبال على تعلم اللغة العربية في فرنسا تنامياً ملحوظاُ مع مطلع القرن الحادي والعشرون نظراً لما طرأ على البلدان العربية من تحولات سياسية واقتصادية هامة لا يمكن تجاهلها. وقد بدا ذلك جلياً عندما ازداد عدد الدراسين في صفوف اللغة العربية إلى أكثر من الضعف مقارنة بما كانت عليه الأمور في السابق قبل عقود محدودة. فقد راهن مدير معهد العلام العربي جاك لانغ الذي اعتبر أن اللغة العربية اليوم قد أصبحت لغة العصر الحديث وبأنها سوف تصبح عما قريب لغة التداول الاولي لتحل مكانة الإنجليزية التي تعتبر اللغة العالمية الاولي حتى الآن وكما كانت الفرنسية لغة التبادل الاقتصادي في القرون الوسطى.

تدريس اللغة العربية في فرنسا:

وصل عدد المؤسسات والمدارس التي تُدرس اللغة العربية في فرنسا نسبة لم يصل اليها بلد آخر من بلدان أوروبا الغربية. فقد فاق عدد المؤسسات التعليمية، تتراوح بين مؤسسات حكومية تحظى بدعم الدولة وأخرى خاصة تم انشاءها ويتم الاشراف عليها من قبل أبناء افارد الجالية العربية المقيمة في فرنسا، المئات تتوزع بين مختلف أنحاء الجمهورية الفرنسية.

وليس فقط تلك المنشئات العربية التي تهتم بتعليم اللغة العربية لأبنائها بل توجد مؤسسات وهيئات فرنسية حكومية وخاصة عملت على ادخال برنامج اللغة العربية ضمن إطار عملها، أهمها ثلاث مؤسسات هي زوارة التعليم الفرنسية، المعهد الوطني للغات وحضارات الشرق < الإينالكو> ومعهد العالم العربي.

1-    وزارة التعليم الفرنسية:

تعليم اللغة العربية في المدارس الفرنسية:

  أدرجت وزارة التعليم الفرنسية ضمن برنامجها التعليمي للمرحة الابتدائية والاعدادية برنامج تدريس اللغة العربية كلغة حية تدرس ابتداء من الصف الخامس الابتدائي في بعض المدارس التي تستقبل طلاباً من أصول عربية، وهي غالباً ما تكون مدارس تقع في احياء معظم قاطنيها من أبناء الجاليات العربية أو المسلمة.

فقد اختارت أكثر من 200 مدرسة ادخال اللغة العربية كلغة ثانية بعد اللغة الفرنسية الى جانب غيرها من اللغات كالألمانية والاسبانية والانجليزية. وقد جاء انتخاب اللغة العربية بعد الاقبال الملحوظ من جانب الطلاب على دراستها. فاللغة العربية تُدرس بصورة رسمية في المدارس الفرنسية من خلال أساتذة موظفين من قبل الدولة غالبيتهم ينحدرون من أصول عربية.

وقد كان اختيار الطلاب للغة العربية كلغة ثانية بدل اللغات الأخرى المقترحة نتيجة لتشجيع الأهالي لهم بتعلم لغة الآباء حتى لا تنقطع الصلة بينهم وبين ثقافة وطن الأجداد. ورغم أن غالبية هؤلاء الطلاب هم من أبناء الجاليات العربية، الا أنه توجد في بعض الأحيان عُدة استثناءات. فعلى سبيل المثال تقول كارولين <15 سنة> المولودة لأبويين فرنسيين بأنها اختارت تعلم اللغة العربية لأنها تدرس في مدرسة تضم طلاباً عرب كثيرين وقد ربطتها بهم علاقات صداقة قوية.  لذلك هي أحبت تعلم اللغة العربية حتى يمكنها التحدث بلغتهم كما يتقنون هم لغتها.

ولا تكتف المناهج العربية التي تُدرس في هذه المدارس الفرنسية بتدريس قواعد اللغة فقط وإنما تتطرق إلى مواضيع أخرى لها علاقة بالتاريخ والجغرافيا والحضارة العربية. فأستاذ اللغة العربية يحق له القاء دروس تتعلق بالفكر والثقافة العربية الإسلامية وإظهار دور الحضارة العربية بين باقي الحضارات العالمية، كاستعراض قصص صلاح الدين الايوبي والظاهر بيبرس أو التجربة العربية الاندلس وغيرها، ولكن بشرط أن تكون هذه المعلومات مُلقاة من وجهة نظر علمانية بعيدة عن أي تعصب أو دعوة للتدين أو حض على تمييز الديانة الإسلامية عن غيرها من الديانات.

تعليم اللغة العربية في الجامعات الفرنسية: 

أما عن تعليم اللغة العربية في الجامعات الفرنسية فيعود تاريخه إلى قرون مضت. فقد كانت المسألة الدينية نقطة انطلاق هذا الاهتمام وذلك لان كثير مت الكاثوليك والبروتستانت الذي كانوا قد وقعوا في تقذف التهم حيت كل منهم كان يرمي الاخر بالزندقة والمروق، كانوا يهرعون الى تعلم العربية من اجل فك شفرات والغاز الرموز الدينية لكنائس الشرق الأوسط.

ثم بعد ذلك اذاد الاهتمام بتدريس اللغة العربية في بداية السبعينات إثر الضغط الاجتماعي القوي الذي نتج عن الهجرة الكثيفة التي اوجدت عدد كبير من ذوي الأصول العربية في الاعداديات والثانويات الفرنسية.

اما على مستوى التعليم العالي، فيتم تدريس اللغة العربية الآن في الجامعات الفرنسية ضمن إطار مؤسساتي وذلك باعتبارها لغة دولية مهمة ولغة لثقافة وحضارة مهمتين. وتوجد شعبتين دوليتين للغة العربية في كل من باريس وغرونوبل بالإضافة الى وجودها في مؤسسات رفيعة المستوى مثل: البوليتكنيك؛ المدرسة الوطنية للإدارة؛ سان سير؛ مدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية والمدارس العليا للأساتذة.

كما تُدرس اللغة العربية ضمن شُعب مستقلة للدراسات العربية في كل من الجامعات التالية: باريس 3؛ ليون؛ إكس/مارسيليا؛ ستراسبورغ؛ تولوز2؛ بوردو 3؛ ليل3؛ نانسي؛ نانت؛ لوهافر .....الخ. وتوجد في معظم هذه الجامعات شعبة خاصة تقوم بتصنيف الطلبة وتقسيمهم حسب المستوى من السنة الدراسية الأولى إلى مرحلة الماجستير.

كما وتوجد ثلاثة مراكز تحضيرية لمباراة شهادة الأهلية للتعليم الثانوي في كل من جامعة باريس 4 وليون 3 وإكس/مارسيليا.

 

2-     المعهد الوطني للغات وحضارات الشرق <INALCO>:

تاريخ المعهد:

يعتبر الاينالكو من أبرز المؤسسات الأكاديمية الحكومية العليا في فرنسا الذي تهتم بلغات ودراسات الشرق بأسره. ويعود تاريخ هذا المعهد الى القرن السابع عشر وذلك عندما أصدر الملك لويس الرابع عشر مرسوماً ملكيا يقضي بتأسيس أول مدرسة تهتم بشؤون الشرق الأوسط. وقد أُوكلت هذه المهمة إلى < كولبير> المستشرق الفرنسي الذي تعلم العربية في بلاد الشام. وفي عام ،1669 وهي الفترة التي تزامنت مع إرسال أول دفعة من المستشرقين إلى الشرق الأوسط، تم تأسيس أول معهد للترجمة سُميَ بمدرسة الشبان للغات لترجمة الاعمال الأدبية والعلمية من اللغة العربية الى الفرنسية بغرض تدريب المترجمين في الغرب. 

وفي عام 1795، تزامناً مع الثورة الفرنسية، أُصدر المرسوم رقم 15 للسنة الثالثة بإعادة تأسيس المدرسة التي تناولت تدريس لغات الشرق ومنها العربية الفصحى والدارجة قبل أن يتم إدخال لغات أخرى كالتركية والفارسية. في تلك الفترة ترأس إدارة المدرسة المستشرقين الكبار لوجلس وساس، حيث عمل هذا الأخير على ترجمة المصحف الشريف إلى اللغة الفرنسية. وفي القرن العشرين مرت المدرسة بعدة مراحل وتسميات مختلفة حيث كانت تُسمى بالمدرسة الوطنية للغات الشرق في بداية القرن ليتحول اسمها، في العام 1985 عند صدور القرار الجمهوري، وتُعرف بالمعهد الوطني للغات وحضارات الشرق < INALCO>.

وبعد ترسيخ قواعده وحصوله على اللقب العلمي للمؤسسات ذات الطابع العلمي والثقافي والمهني تم تحديد مهام المعهد كالاتي:

1-     تعليم جميع لغات الشرق الأوسط والاقصى واللغات الآسيوية ولغات شرق أوروبا.

2-     تقديم دروس خاصة بالتاريخ والحضارة العربية والجغرافيا.

3-     تطوير البحث العلمي والتعليمي في المجالات التالية المتعلقة بالشرق: الحقوق والشريعة والحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والجغرافيا والتاريخ والعلوم الإنسانية وعلوم الاجتماع لكل من الأقطار المذكورة مع ربط علاقات مع مؤسسات علمية محلية ودولية وعربية.

4-     الإنتاج والنشر العلمي التربوي في مختلف مجالات علوم الحياة.

5-     البحث العلمي في العلوم اللغوية واللسانيات للغات الشرق.

6-     التوسع والتعمق في لغات الشرق مع ادراج لغات الأقليات وإعادة احياء وتطوير هذه اللغات.

7-     تطوير وسائل التعليم في كل من اللغات الحية لاسيما اللغات المعنية بالدراسات.

8-     التبادل الأكاديمي والعلمي بين الجامعات الفرنسة ودول الشرق الأوسط وشرق أوروبا وشرق اسيا ودول الجوار.

 

قسم اللغة العربية:

تعتبر كلية اللغة العربية من أهم وأكبر الأقسام في الاينالكو والذي وصل عدد اللغات التي تدرس فيه اليوم إلى 93 لغة، ومجموع الطلاب الذين يدرسون في هذه المدرسة يصل سنوياً إلى 9 آلاف طالب من مختلف الجنسيات والأعراق. وتشرف المدرسة على أكبر معمل لغوي في أوروبا كما وتشمل الأقسام التالية:

1.      قسم اللغة العربية الكلاسيكية أو اللغة العربية الأدبية، وفيه يُدَرس الأدب العربي بمختلف مجالاته الأدبية واللغوية بالإضافة إلى قواعد العربية القديمة والتاريخ العربي القديم والحديث على حدٍ سواء. 

2.      قسم الدراسات الإسلامية الذي يهتم بدراسة تاريخ الإسلام بشتى طوائفه ومذاهبه.

3.      قسم الدراسات اللغوية الذي يعتني بدراسة اللسانيات واللغويات كالنحو والصرف.

4.      قسم لغات شمال إفريقيا واللغات المغاربية حيث يتم فيه تعليم اللهجات المغربية كلاً على حدة كالجزائرية والمغربية والتونسية والأمازيقية ولغات الأقليات كالبربرية والبولار والولوف.

5.      قسم لغات الشام الذي يشمل اللهجات السورية واللبنانية والفلسطينية.

6.      قسم دراسات الشرق الذي يحتوي على اللغة المصرية الحديثة والفرعونية الهيروغليفية واللهجات اليمنية والحجازية كما يتم فيه حالياً برامج أخرى لتطوير لهجات أخرى لأقليات على وشك الاندثار بالإضافة إلى قسم الدراسات العبرية. 

المكتبة:

قام الاينالكو بتأسيس أكبر مكتبة عالمية للغات الشرق تشتمل على أقدم المخطوطات وتُعتبر كأغنى مؤسسة تحوي كتباً تاريخية في أوروبا. تحتفظ المكتبة اليوم بمجموعة كتب ومجلدات من مختلف العصور تم أرشفتها في أماكن لا يمكن الوصول إليها بسهولة، وتكمن سياستها في حصر أكبر عدد من النسخ الأدبية والعلمية القديمة والمعاصرة والحديثة. فهي تشتري سنوياً عدداً من المنتجات الأدبية والثقافية المعاصرة حتى باتت تمتلك كتباً لم تعد موجودة بالأسواق. فعند صدور أي كتاب بإحدى اللغات المعنية وأهمها اللغة العربية تقوم المكتبة بشرائه وإقامة ندوات أدبية تعنى بدراسته ونقده قبل ان يُحال إلى قسم الترجمة ومن ثم تحويله إلى المكتبة الرقمية لتدوينه في أرشيفها قبل إعادته إلى المكتبة العامة.

 

3-    معهد العالم العربي:

هو مركز تعاوني بين فرنسا وبين إثنين وعشرين دولة عربية ومؤسسة ثقافية قائمة على القانون الفرنسي أنشئت لتكون أداة تعريف بالثقافة العربية ونشرها. ويسعى المعهد الذي يعتبر جسراً حقيقياً بين فرنسا والعالم العربي إلى تحقيق الأهداف التالية:

-         تشجيع التبادل الثقافي وتنشيط التعاون والتواصل بين فرنسا والعالم العربي لا سيما في مجالات التقنيات والعلوم.

-         تعميق فهم ثقافة وحضارة ولغة العالم العربي وتطوير الدراسة حوله في فرنسا ودراسة الجهود التي يمكن أن تؤدي إلى ذلك التطور المنشود.

-         المشاركة في إنجاح العلاقات بين فرنسا والعالم العربي عبر الإسهام في تعزيز العلاقات بين العرب وأوروبا.

 

كورسات اللغة العربية:

تُقام في المعهد دروس للأطفال والشباب يومي السبت والأربعاء، < الأيام التي لا يذهبون فيها إلى المدرسة الفرنسية>، بمعدل 45 ساعة خلال العام الدراسي<30 أسبوع>. وتتراوح المستويات بين مستويين للأطفال في المستوى التمهيدي أو الروضة< 4-6 سنوات> و4 مستويات للأطفال من عمر 7-11 سنة وخمس مستويات للشباب من عمر 11-18 سنة. علماً بأن عدد الطلاب في الفصل يتراوح بين 10-12 طالب.

أما فيما يخص الناضجين، فالخيارات المتاحة أوسع إذ بإمكانهم التسجيل في دروس اللغة العربية طيلة الأسبوع من الاثنين إلى الجمعة من الساعة التاسعة صباحاً وحتى الساعة الثامنة والنصف مساءً ويوم السبت من الساعة التاسعة صباحاً وحتى الساعة الواحدة والربع ظهراً.

وجدير بالذكر أنه بالإضافة الى تعلم اللغة الفصحى، تتاح فرصة تعلم اللغة العربية بلهجات مختلفة كالمغربية أو الجزائرية أو المصرية أو الشامية وغيرها من اللهجات العربية. وتُقام رحلات إقامة لغوية للمسجلين في دورات اللغة في أحد البلدان العربية، عِلماً بأن رحلة هذا العام 2015 تُنظم إلى سلطنة عمان.

 

المكتبة: 

تجسد مكتبة معهد العالم العربي الثقافة والحضارة العربية وذلك من خلال ما تعرضه من مجموعات الكتب المتعددة في شتى التخصصات. فالمكتبة لا تهتم فقط بالمصادر التراثية العربية وانما تولي أهمية مساوية للمصادر المعاصرة حتى يتسنى لها تلبية، ليس فقط، مُختلف احتياجات الباحثين المختصين ولكن أيضاً إرضاء رغبات الفئات الواسعة الأخرى من جمهور المكتبة. فهي تضع في متناول القراء مجموعة متنوعة من الكتب الإسلامية والعربية ولكن قبل ذلك تعمل على توفير دليل معلوماتي باللغتين العربية والفرنسية للكتب والمجلات والمقالات التي تحتويها المكتبة حتى يمكن الوصول اليها بسهولة.

وتجدر الإشارة إلى أنه يوجد بالمكتبة حوالي 1880 كتاب بالعربية هي من أمهات الثقافة العربية التراثية والمعاصرة تتنوع بين الدين والفلسفة والأدب والتاريخ ودلائل المخطوطات. كما ويوجد أيضاً حوالي 2500 كتاب تغطي بصورة خاصة تاريخ المغرب العربي، بجانب 1360 مجلة عربية منها 800 مجلة حية ما زالت تصدر حتى اليوم. وتمثل هذه المجلات، التي تتراوح بين مجلات أخبار حديثة ومجلات فكرية ثقافية وأخرى تراثية أو علمية، ثراء النشر وتعكس تنوعه في العالم العربي. بالإضافة الى ذلك، توجد مجموعة من الكتب المتخصصة لتعليم اللغة العربية الفصحى، تحوي 60 طريقة وأسلوب، مرفقة بأشرطة مسجلة واسطوانات " سي دي روم".

 

واقع اللغة العربية اليوم في أوروبا:

يتنوع تعليم اللغة العربية في أوروبا بشكل عام بين تعليم مندمج يتولى مسؤوليته معلمون متخرجون إما من مدراس التكوين التربوي البيداغوجي أو من مدارس الترجمة وبين تعليم غير نظامي يتم في المراكز الإسلامية والجمعيات الثقافية يقوم بتنفيذه مجموعة من المعلمين غير المتخصصين ويمارسون المهنة باجتهادات شخصية وبعيدة عن مراقبة الدولة. بالإضافة الى ذلك هناك نوع من التعليم وهو التعليم عند بُعد والذي تطرقنا له بتناولنا للأكاديميات العربية المفتوحة والجامعات بالانتساب.

وفي الآونة الأخيرة أدرجت بعض مدارس اللغات والمعاهد خاصة اللغة العربية ضمن برنامجها وذلك لكثرة الطلب على تعلمها من قبل الأوربيين أنفسهم.

 

تدافق الغربيين على تعلم اللغة العربية:

تضافرت عدة عوامل أدت إلى ازدياد الاهتمام بتعلم باللغة العربية من قبل الغربيين أهمها بروز منطقة الخليج كقوة اقتصادية واعدة للأوربيين بفرص عمل واستثمار، تلاها نشوء ثورات الربيع العربي وما واكبها من ضجة سياسية غزت الإعلام الأوربي وقبلهما أحداث حرب العراق وأحداث الحادي عشر من سبتمبر. 

ولكن بعيداً عن كل هذه الأسباب الجماعية، هناك دوافع كانت وما تزال النواة الحقيقية لاستمرار ازدهار المدارس العربية في الغرب. فقد أوجز سرجون كرم أستاذ اللغة العربية والترجمة بجامعة بون في المانيا في حوار له مع قناة DW عربية الأسباب التي تدفع بالطلاب الالمان الى تعلم اللغة العربية والتي هي نفس الأسباب التي دفعت بباقي الاوربيين إلى تعلم اللغة العربية، فذكر المانيا هنا للمثال وليس للحصر. وموجز هذه الأسباب كالتالي:

-         اعجاب معظمهم بالثقافة العربية والعادات الإسلامية بعد اكتشافهم أحد اقطار الوطن العربي إثر رحلة استجمام.

-         الحافز الديني للطلاب الذين تعود جزورهم الى أصول عربية أو تركية أو أفريقية مُسلمة.

-         ارتباط البعض بعلاقة صداقة أو زواج بأشخاص مسلمين او عرب دفعت بهم إلى اكتشاف وتعلم لغة شريك الحياة أو الحبيب. 

التحديات والعوائق التي تواجه تعلم اللغة العربية في أوروبا:

في الظاهر، يبدو للعيان أنه بما أن عدد المدارس والمؤسسات التي تقوم بتدريس العربية مازال يتنامى وكذلك عدد الطلبة الراغبين في تعلم اللغة العربية أي ازدياد، فإنه من البديهي ان تكون نسبة النجاح والتقدم مرتفعة ومرضية.

ولكن واقع الامر يخفي وراءه كواليس تحفها كثير من الصعوبات والعقبات التي ما فتئت تقف حائلاً ليس أمام تطور وتقدم اللغة العربية فحسب، بل وأمام تحصيل الطالب ورغبته في مواصلة التعلم في بعض الأحيان.

فبالرغم من أن بعض الدول الأوروبية قد تقبلت فكرة حرية الجاليات الأجنبية في ممارسات الاعتقاد وتعلم اللغة الام الا ان بعض المخاوف من تأثير هذه الممارسات على قيم بلادهم التي بنوها على حرية الفرد في الاعتقاد وعلى المساواة بين الرجل والمرأة. وهذه المخاوف تتجه بشكل خاص نحو المدارس العربية وخاصة الإسلامية منها وذلك عندما يتعلق الامر بمسالة موقف المرأة وكيف ينظر اليها بالإضافة الى الخوف الأساسي وهو أن يتم تربية الأطفال في هذه المدارس على قيم تتعارض من قيم المجتمع الأوروبي الحر والتي ربما خلقت في المستقبل جيل مشتت بين هويتين والذي سينتج عنه لا محالة بعض الاضطراب النفسي.

زد على ذلك العوامل الداخلية التي تهدد عقر دار المؤسسات التعليمية نفسها إثر الصورة النمطية للهوية العربية وما لحق بها في الآونة الأخيرة من تشويه مما أدى الى ظهور العنصرية والمقت الشديد في بعض الاحايين للطلاب ذوي الأصول العربية لأنفسهم نتيجة لما يسمعونه من أن العربية لغة الإرهاب وغيره مما يلعب دورا أساسياً في عدم تقدم عملية التعلم وانجاح اكتساب اللغة العربية من قبل هؤلاء الطلبة ذوي الثقافة الأوروبية حتى وان كانوا قد ولد في عائلات عربية لان ثقافتهم هي ثقافة البلد الذي ولدوا فيه.

 

أهم العوامل التي تعوق تطور عملية تعلُّم اللغة العربية في أوروبا:
أولا: فيما يتعلق بالمعلم:

بجانب عدم أو قلة كفاءة المعلم أو المتطوع في تعليم اللغة العربية بالوسائل التربوية الحديثة في مجال تدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها وقلة ثقافته فيما يخص علم النفس التربوي وعلم نفس الطفل، توجد هناك قناعته التامة في بعض الأحيان بمثالية طرق التعليم التقليدية التي تلقاها في صغره واصراره على تطبيقها على تلاميذه، مما خلق هوة ونفور بين المعلم والطالب أوصلت الطلاب إلى مآل فقدان الرغبة والفتور في مواصلة التعلم. أضف إلى ذلك الجهل بفنون إدارة الصفوف، في بعض الأحيان، والتعامل مع سلوكيات التلاميذ كل على حدة.
ثانيا: فيما يتعلق بالمناهج:

لَعبت تقليدية المناهج المعتمدة في التدريس التي لا تُعلم من العربية الا القراءة والكتابة دوراَ اساسياً في الشعور بعدم الاريحية وذلك نتيجة لعدم مراعاة الجوانب النفسية والاجتماعية والثقافية للطالب الذي يتعلم العربية في بلاد الغرب، إذ أن معظم هذه المناهج مستورد من الوطن العربي ويخاطب بصفة خاصة أبناء البلد الذي أُلفت فيه. كما أن قلة الوسائل المرافقة للمناهج التي أُعدت في الغرب بالإضافة إلى افتقار منهج مشترك وغياب فلسفة تطوير المناهج ليس من الناحية الاكاديمية فحسب بل من النواحي النفسية والاجتماعية والتربوية، وعدم الفصل حتى الآن بين مناهج تدريس اللغة العربية المعدة للطالب العربي وبين تلك التي تخص تدريس العربية للأجانب او الناطقين بغيرها، كل هذه العوامل جمعاء كونت صورة سلبية عن اللغة العربية.

ثالثا: فيما يتعلق بالمؤسسة التعليمية:

نجد في بعض المدراس والمراكز أن الأولوية ليست جودة نسبة التحصيل لدي الطالب. إذ أن معظم هذه المؤسسات تتبنى منهج الاستثمار الذي يقتضي بتسيير الأمور حتى ولو كان على حساب الطالب وعملية التعلم. لذلك فقد تجد عدم تهيئة المكان بالصورة التي تليق بالطلاب من فمشكلة ضيق الفصول الدراسية وافتقارها إلى التجهيزات ووسائل التعليم المساعدة وضيق المساحات والفضاءات المفتوحة كالتي في المدارس الحكومية، مما يؤثر سلباً في نفسية التلميذ عندما يقع في المقارنة. أضف الى ذلك عدم الفترة الزمنية الكافية لاكتساب مهارات التعليم، إذ ان معظم هذه المؤسسات هي مدارس سبتية تابعة للمراكز الإسلامية والمساجد تقوم تُعطي يوم واحد فقط في الأسبوع لدرس اللغة العربية. كما أن تفاوت مستويات التلاميذ من حيث المستوى المعرفي داخل الصف الواحد وكذلك فارق العمر كان من أهم الأسباب التي تواجه التلاميذ والمعلم على حد سواء وتعوق سيرورة الدرس بالشكل المطلوب.

رابعا: فيما يتعلق بثنائية اللغة:

ولأن اللغة العربية ليست اللغة الأم لهؤلاء الطلبة الذين ولدوا ونشؤا في الغرب، جعل من الصعوبة بمكان عدم القدرة على تذكر المصطلحات والمفردات الأولى في الذاكرة اللغوية، خاصة وأن ما يغذي ذاكرة الاتصال والتواصل لديهم هي مفردات ومصطلحات البلد الذي يعيشون فيه وأن لغة التفكير لديهم ليس اللغة العربية.

خامسا: فيما يتعلق بأولياء الامور:

أغلبية أولياء الأمور حصل لهم أستقاظ مفاجئ بعد أن أهملوا تسجيل أبناءهم في مدارس اللغة العربية في مرحلة مبكرة من العمر. وهذه الاستفاقة المباغتة المصحوبة بمخاوف دفعت بهؤلاء الآباء لإلقاء الضغط على الأبناء حتى يلتحوا بالركب. ثم بعد ذلك، تأتي مشكلة عدم التواصل مع الأبناء بالغة العربية في البيت ورمي المسؤولية الكلية على عاتق المدرسة وعدم بذل جهود يمكنها مساعدة هؤلاء الأبناء لاكتساب اللغة كتوفير محطات تلفزيونية عربية هادفة.
سادسا: فيما يتعلق بالطالب نفسه:

نتيجة لما وصل اليه العالم اليوم من تطور في وسائل التكنولوجية ووسائل تعلم حديثة فائقة السرعة في شتى المجالات، جعل من الصعب الرد الى متطلبات الطالب الذي بات متصلا اتصال كامل مع وسائل التقنية الحديثة من العاب والوان الكتر ورنية وهواتف نقالة خاصة وان طرائق تعليم اللغة العربية مازالت بعيد عن التطور، مما وَلَّدَ لديهم شعور بالملل وقَتل رغبة مواصلة التعليم في مهدها.

 

آفاق التطوير:

بعد كل هذا الطرح المفصل لواقع اللغة العربية ومستقبلها في أوروبا، أصبح حرياً بنا أن نتوقف قليلاً ونمعن النظر في مصير ها حتى نتمكن من الخروج بلغة القرآن الى بر الأمان بعد أن أصبحت تُصنف ضمن اللغات المندثرة وذلك ليس لصعوبة إجادتها من قبل المتعلمين الجدد فحسب، بل لعدم قدرة أهلها في الوطن العربي بعينيه على التخاطب بها بعد أن جرفتهم تيارات اللهجات الدارجة بعيداً عن محيط الفصحى التي لم تعد لها فائدة سوى المكوث بشموخ منكسر بين أسطر كتب الشعر والأدب والقرآن وذلك لأن أمة "اقرا" لا تقرأ.

ولان اليد الواحدة لا تصفق، فإنه لا بد من تعاون أساتذة اللغة العربية للناطقين بغيرها وبذلهم الجهود سعياً للنهوض بها وبتطوير المناهج والطرائق لتدريسها وذلك بمراعاة الآتي:

-         محاولة إدماج تدريسها داخل إطار زمني ثابت وفي حالة تعذر ذلك يجب مراعاة توفير إمكانية تدريسها يوم السبت على الأقل مع تهيئة الظروف المناسبة لعملية التعلم حتى يتثنى للطالب المتابعة ولو لمرة واحدة فقط في السبوع بشرط الاستمرارية والمتابعة.

-         إشراك المتخصصين التربويين في الأمر واستشارتهم لإيجاد حلول لواقع تدريس اللغة العربية وترقب الإصلاح المنتظر.

-         إدخال الآباء في النقاشات وتنبيههم لضرورة التحمل والتعاون من أجل الحفاظ على المكتسبات اللغوية لدى أبناءهم.

-         التفاعل والتواصل المستمر مع السياسيين والمختصين في مجال تعليم اللغات الأجنبية والاخصائيين التربويين لمواكبة ما يطرأ من تحديث في أساليب الدريس.

-         إنشاء لِجان يعهد اليها إعداد مناهج اللغة العربية بحيث تعتد على المهارات اللغوية الأربع: القراءة، الكتابة، الاستماع، التعبير الشفهي والكتابي مع الاخذ بعين الاعتبار منهج البلد المضيف للطلبة.

-         بناء المهارات اللغوية لدى الطالب من خلال المقاربات والوسائل الحديثة في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها والتنوع في استعمال الطرق المختلفة للتدريس، تركيبية كانت أو تحليلية أو توفيقية.

-         مراعاة المبادئ اللغوية والنفسية في تعليم أصوات اللغة وبديهية وتقبل صعوبة تعلمها في بادئ الأمر مع التدرج في مراحل التعلم من تعريف بالكلمات أولاً قبل الترقي إلى مرحلة التحليل أو الركيب.

-         تشجيع الطلاب وشحذ هممهم بتقديم مناهج ووسائل تعليم تواكب عصر الرقمنة والوسائط التكنولوجية الحديثة.

-         التخطيط لدرس اللغة العربية حسب الأهداف السلوكية وتدريس قواعدها اللغوية في نطاق برامج مخصص للناطقين بغيرها.

-         تعلم فنون استثمار التدريبات والتمارين واستغلالها لتنمية مهارات الطالب اللغوية.

-         الاهتمام بتقويم الطالب تقيماً فردياً وهو ما يُقصد به تحديد مستوى الطالب في مادة معينة في زمن معين بغرض تنبيه الطالب والمعلم في آن معاً إلى أهمية اكتشاف المشاكل وإيجاد الحلول المناسبة لها في الوقت المناسب ولكن يجب مراعاة عدم الانزلاق من تقويم مردود الطالب الي تقويم الطالب ذاته أو تضخيم الخطأ الثانوي البسيط واعطائه أكثر من حجمه أو اصدار الاحكام المسبقة.

-         العمل على قياس مستوى التحصيل عند الطلاب بشكل مستمر، ولكن بدون ترتيب الأوراق حسب العلامات لمراعاة نفسية الطلاب وللتمكن من الإجابة على الاحتياجات الفردية لكل طالب على حدة.

-         إقامة أنشطة وفعاليات وورش عمل تطبيقية حول صياغة مشروعات وخطط تدريس مواد اللغة العربية المختلفة.

 

خلاصة:

إجمالاً وبصورة عامة، فأنه بالرغم من وجود بعض الصعوبات الخارجية التي لا يُستهان بها في معظم الأحايين، إلا أن المعوقات الأساسية التي تقف حائلاً أمام تقدم عملية التعلم واكتساب المعرفة اللغوية هي أسباب نفسية في المقام الأول يواجها الطالب في بداية مشواره التعليمي.

وهذا العامل النفسي والذي هو في البداية وليد صعوبة إخراج بعض الأصوات التي لا توجد في اللغة الام مما يصور لهم سخافة منظرهم عند المحاولات الفاشلة لتقليد بعض الأصوات، إلا أنه لا توجد أسباب نفسية أخرى منها الصورة المسبقة عن اللغة العربية وارتباطها بصورة وثيقة بما تعكسه بعض وسائل الاعلام على أنها لغة الشعوب المتخلفة ولغة الإرهاب والتطرف.

ولكن بالرغم من هذه الأسباب مجتمعة، خارجية كانت أم معنوية نفسية، فإنه يجب تبني منهج النظر إلى الأمور بموضوعية وحكمة دون الوقوع في فخ القطبية، أي التشاؤم المفرط عندما يتعلق الامر بالصعوبات او التفاؤل الزائد عندما يتعلق الأمر بالصورة العامة للانتشار المتوسع للغة العربية في أوروبا في هذه الآونة الأخيرة.

بل يحب التروي والتريث من أجل القدرة على تحليل الأمور بموضوعية حتى يتسنى معرفة أسباب النجاح ودعمها والتعرف على الصعوبات والعوائق والعمل على إيجاد حلول لها ضمن منهجية تربوية بيداغوجية بعيدة عن قذف الكلمات فقط. هكذا فقط وبعد أن تطلق المنهجية التقليدية والوفاء لطرق سيبويه يمكن للغة العربية أن تحذو حذو اللغات الحية لتدخل عالم التعليم الحديث.

لذلك يجب على مُعلم أو من ينوي تدريس اللغة العربية أو أي لغة أجنبية أخرى أن يكون على دراية بالعوامل النفسية التي تحيط بعملية التعلم وعملية اكتساب المعرفة ثم بعد ذلك يعرج إلى التركيز على وسائل الممارسة والتدريب لمهارات التدريب السمعي والشفهي وذلك من أجل ترسخ المعارف في الذاكرة طويلة المدى للطالب وهو، للأسف، ما تفتقر اليه اليوم مناهج تدريس اللغة العربية التي لم يُراعى فيها حتى الآن ادخال المهارات التعليمية الأربعة ضمن برنامجها حتى تحذو حذو اللغات الأجنبية الأخرى المعترف بها في مجلس الأمن.

 ***

المراجع:

-  هاني صلاح: الدنمارك: 7 تحديات أمام تدريس اللغة العربية لأبناء الجالية المسلمة، موقع اللغة العربية صاحبة الجلالة، صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارات.

http://www.arabiclanguageic.org/view_page.php?id=1929

 هيلي نيلسن: عن تدريس اللغة العربية، موقع أخبار الدنمارك.

http://www.akhbar.dk/ar/jarida/2940.html

 - حمري البشير: واقع تدريس اللغة العربية في الدنمارك، عن موقع عرب دانمارك، موقع يغطي أخبار ونشاطات الجالية العربية في الدانمارك والاخبار والنشاطات عامة, يصدر عن مؤسسة عرب دانمارك للإعلام.

http://arabdanmark.com/index.php?option=com_content&view=article&id=1481:%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%B9-%D8%AA%D8%AF%D8%B1%D9%8A%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%BA%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%86%D9%85%D8%A7%D8%B1%D9%83-%D8%AD%D9%85%D8%B1%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B4%D9%8A%D8%B1&catid=36:%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D8%AF%D8%A8%D9%8A%D8%A9&Itemid=47

 

-  الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك، هيئة علمية تختص بكل ما يتعلق بالتعليم العــــالي وتخريج الكـــــفاءات العلمية المتخصصة.

http://www.ao-academy.org/ar/about_aou/

 -  سارة عبد المحسن : 30 متدربا بورشة عمل حول تعليم اللغة العربية في الدول الاسكندنافية، عن الموقع الالكتروني لصحيفة اليوم السابع ، الثلاثاء، 16 سبتمبر 2014 

http://www.youm7.com/story/2014/9/16/30-%D9%85%D8%AA%D8%AF%D8%B1%D8%A8%D8%A7-%D8%A8%D9%88%D8%B1%D8%B4%D8%A9-%D8%B9%D9%85%D9%84-%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%BA%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D9%83%D9%86%D8%AF/1867322#.VVBuQPmsVlz

 

- موقع الرابطة الإسلامية في النرويج: عن ملتقى تعليم اللغة العربية في الدول الإسكندنافية، بتاريخ 2010-12-20.

http://www.rabita.no/arabic/details.php?id=188&sec=3 

- مدين ديرية - لندن: ازدهار المدارس العربية ببريطانيا، موقع الجزيرة نت.

http://www.aljazeera.net/news/miscellaneous/2012/1/26/%D8%A7%D8%B2%D8%AF%D9%87%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7

 - د. عزالدين عناية: الدراسات العربية في إيطاليا، موقع بانوراما الشرق الأوسط، بتاريخ 15 يوليو  2014.

http://www.mepanorama.net/458342/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A5%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A7/

- طرق تصميم برامج تعليم اللغة العربية في ضوء الإطار المرجعي الأوربي المشترك للغات: موقع  

Calenda, le calendrier des lettres et des sciences humaines et sociales.

http://calenda.org/239156

 - عبد الحفيظ الخميري: تعليم اللغة العربية في الغرب بين الاختصاص والسمسرة، فرنسا نموذج، مجلة الفجر نيوز.

http://www.turess.com/alfajrnews/17780

      - ميلود غرافي، تدريس اللغة العربية في فرنسا بين الاختيار المؤسساتي والإحالة إلى الهوية، موقع مجلس الجالية المغربية بالخارج CCME.

http://www.ccme.org.ma/ar/opinions-ar/31418

 Apprentissage de l'arabe en France: l'école à la traîne, libération- société -

http://www.liberation.fr/societe/2011/02/03/apprentissage-de-l-arabe-l-ecole-a-la-traine_712230

 Emmanuelle Talon: L’arabe, une « langue de France » sacrifiée, le monde diplomatique, octobre 2012.

http://www.monde-diplomatique.fr/2012/10/TALON/48275

 Répertoire des établissements scolaires en France offrant un enseignement de la langue arabe, site du ministère de l’éducation nationale, vendredi 4 avril 2014.

http://www.langue-arabe.fr/spip.php?article4

 ***

تسنيم طه

باريس، مايو 2014