الجمعة، 27 ديسمبر 2019

قِصَّة قصيرة: سُهولٌ ورُبَى


بقلم/تسنيم طه

 

كنت أعلم بأنني لن أصادف اليوم سوى أطفال الحي، الذين سيتجمعون للعب كرة القدم ككلِ صباحِ، بعد إغلاق مدارسهم إلى أجلٍ غير مسمىً بسبب السيولٍ والأمطارِ التي ضربت مؤخرًا ولاية الخرطومِ.

 سيولٌ وأمطارٌ كتلكَ التي أصابت البلادِ بالدمار عام 1988م، تهدمت فيها الكثير من المدارسِ والمنازلِ والمستشفياتِ، ونفقت فيها نوق وجِمال وأبقار وحمير وكثيرٌ غيرها من الحيواناتِ، وهكلت فيها الطيورِ والدواجن، ومات فيها كثيرٌ من الناس.

أخذت صحيفتي التي اشتريتها من كشكٍ صغيرٍ يبيع الصحف اليومية بجوار موقف مواصلات "الحاج يُوسِف"، وخرجت إلى الشارع لأمارس عادتي اليومية في قراءتها تحت شجرة النيم الأصيلة الظليلة التي يذكرني عبق أوراقها بأنفاس المرحوم جدِّي.

مثلتْ هذه الشجرة طيلة عقودِ رمز لقاء سكان شارع الشَّلالية الذين كانوا يترددون على جديّ ثم على والدي، قبل أن يتعودوا إلقاء السلام عليّ كل يومٍ، مرةً في الصباح وهم ذاهبون إلى العمل وأخرى بعد العصر وهم عائدون منه.

لكن اليوم الجمعة، ولن يمر أحدٌ من أمامي، قبل ثلاث ساعات، إلّا المصلين الذين سيتوجهون لأداء الصلاة في جامع "الشيخ المقبول" على شارع "قصر الصداقة"، ليلتقوا ببقية سكان الحي، عندها سأكون ذهبتُ بدوري للصلاة في جامع "السيد علي الميرغني" في حي "حِلَّة خُوجَلي"، للقاء أصدقائي المنتمين للطريقة الخَتْمِيَّة. 

وضعتُ الصحيفةَ على الكرسي، وتقدمت لسقاية النباتات بـخرطوم المياه الأخضر الذي يُزاحمني فيه عمَّار، ابن الجيران، الطِّفلُ ذو السبع سنوات، السابق لزمانه بذكائه الحاد، الوحيد من بين أطفال الحي الذي لا يمل سماع حكاياتي عن جدي وقصصه التي حكاها لي تحت هذه الشجرة، وأولها وأكثره فخرًا بها حكاية مشاركته في حصار الخرطوم حتى سقوطها، وثانيها حكاية إيمانه بالمهدي الذي نجح في انهاء فترة الاحتلال المصري العثماني ليس بالسلاح وإنما بقوة الإيمان الذي سرى في قلوب أنصاره، وثالثها حكايات شخصيات ألهمته وأثرت في حياته كجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده والحلاج وابن عربي.

عمار هو الشخص الوحيد الذي يصغي باهتمامٍ لحكاياتي الموروثة عن جدي ولبقية حكاياتي عن نفسي:

حكايات لعب كرة القدم، أثناء مراهقتي، مع أبناء الحي في الميدان الترابي بجوار المقابر، ثم مزاحي معهم بتنبؤاتٍ لم أكن أظنها ستحقق وأنا أكرر لهم بأنني سأطوف مدنًا سودانية كثيرة قبل أن أجد حسناءً أتزوج بها يفوق جمالها جمال من غنى لها الفنان محمد وردي: "وَشِّكْ بين مَسَايْرِكْ زَي بَدْر اكْتَمَل"[1].

وحكايات دراستي في مدرسة "خُور طَقَتْ" الثانوية بمدينة "الأُبَيِّضْ" بكُرْدُفان، وحكايات"شجرة التَّبَلْدي"، وذكريات الحنين لـ «نشيد الوداع» للشاعر الاسكوتلندي روبرت برنز الذي جعلنا نذرف الدموع جداولًا أثناء تعانقنا وتريد كلماته:

"هل ننسى أيامًا مضت، هل ننسى ذكراها؟

هل ننسى أيامًا مضت مرحًا قضيناها؟".

وحكايات دراستي في "بَخْتْ الرِّضا" لتدريب المعلمين بمدينة الدِّوِيم بولاية النيل الأبيض، المعهد الذي تأسس قبل ميلادي بأربع سنوات، عام1930 نتيجة تقرير اللجنة التي كونها الحاكم العام للسودان بعد المذكرة التي تلت انتهاء إضراب طلاب كلية غردون، والتي قدمها "ج.س.سكوت" المفتش الأول للتعليم ينتقد فيها سياسة التعليم في السودان داعيًا فيها إلى إجراء إصلاحات أساسية.

وحكاياتي عن تنقلاتي كمدرس للغة العربية بمدرسة بَرْبَرْ المتوسطة بنين بولاية نهر النيل، ثم بمدرسة دنقلا الثانوية بنات بالولاية الشمالية، ثم بمدرسة المناقل الثانوية بنين بولاية الجزيرة، ثم بمدرسة المؤتمر الثانوية بنين بأمْ دُرْمان، ثم بمدرسة الحَلْفايا بنات بِبَحْري، ثم بمدرسة "الشجرة" الثانوية بنات بالخرطوم، حيث سألتقي بالحسناء ذات المساير ووجه القمر وأتزوج بها.

عمار، الطفل ذو السبع سنوات، يعشق سماع كل تلك الحكايات بينما بات يتضجر منها أحفادي وغيرهم من الكبار بعد امتلاكهم لهواتف نقالة واشتراكات إنترنت لامحدود، جعلتهم يقضون أوقاتهم في التواصل عبر العالم الافتراضي، ليهجروا تمامًا العالم الحقيقي، ولا يأتون لمجالستي تحت ظل شجرتي إلا عند حاجتهم لمشورة في أمر زواجِ أو خطبةٍ أو ختانٍ، أو لأشاركهم تشيع موتاهم إلى المقابر.

وهكذا أصحبت أشعر بالحزن لإدراك أنني لم أعد سوى شيخ عجوز يتوكأ عصاه ليذهب إلى المسجد، ليقابل أترابه القلائل بعد رحيل جلهم إلى دار الحق.

فتحت صنبور المياه وتقدمت، لكنني لم أكد أبدأ في رشِّ أوراق شجرة الريحان، حتى أحسستُ بعمارَ يقف ورائي، فالتفتُ إليه لأجده بعينين تتوسلان أن أعطيه الخرطوم لكي يمارس هوايته في رش نباتات حديقتي الصغيرة: شجرةُ ليمونٍ وشجيراتُ حناءٍ زكيةِ الرائحة، وأزهارُ "صباح الخير" بيضاءَ وحمراء، وشجرتي الأصيلةٍ التي صمدت بشجاعةٍ أمامَ هجمات اسراب الجراد التي غزت السودان في الخمسينات وأتلفت كثيرا من الأشجار والمحاصيل.

أعطيتُه خرطوم المياه وعدتُ لمكاني، لأستمتع بتقليب الصحيفة، متعمدًا الجلوس قبالته لأتمكن من مراقبته. رفعتُ نظارتي الطبية إلى عينيّ وشرعتُ في القراءة بادئًا بالخبر المتحدث عن " وصول وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا والسويد إلى الخرطوم الأسبوع المقبل"، فقلت في نفسي ربما تعيد هذه الزيارة علاقات من الاتحاد الأوربي، فترجع شركة "سودانير-Sudanair" إلى استئناف رحلاتها مع لندن وباريس وستوكهولم.

 ألقيت نظرة سريعة على عمار، ثم انتقلت للخبر المتحدث عن " مطالبة منظمة العفو الدولية بتسليم الرئيس المخلوع عمر البشير للمحكة الجنائية الدولية"، فمرت بذهني أهوال مخيمات اللاجئين بدارفور منذ نشوب الحرب الأهلية عام 2003م، وجعلتني أتساءل إن كان تسليم الرئيس المخلوع سيشفي غليل أمهات الشهداء ولاجئي معسكرات الحرب. ثم عبرتُ بسرعة إلى الخبر الثالث المتحدث عن "وصول خمسة بواخر محملة بمشتقات النفط إلى ميناء بورتسودان"، فدعوت الله أن تكون بارقة أملٍ تحل أزمة البنزين وتريح سائقي الرَّكْشات من الوقوف المطول في صفوف محطات الوقود.

وقبل أن انتقل إلى تفاصيل خبر زيارة الرئيس الأرتري أسياس أفورقي إلى الخرطوم السبت المقبل، سمعتُ أحد الأطفال ينادي عمار بصوتٍ عالٍ راجيًا إياه للعودة واستئناف اللعب معهم، فخشيت أن يلقي الطفل بخرطوم المياه على الأرض دون أن يغلق الصنبور فتتحول الأرض إلى بركة من الطين. فالتفت إليه بجزعٍ، ثم اطمأننت عندما وجدته منغمسًا في الرش وهو يدندن أغنية فرقة ألوان الطيف:

"أوعك تقطع صفقة شجرة

عشان ما يجينا جفاف وتصحر".

وعدت أستأنف القراءة بتركيزٍ لم يخرجني منه إلا وقوف عمار أمامي عاقدًا ذراعيه أمام صدره يناظرني بعينين ثاقبتين كعيني صقر، فسألته ما به، فباغتني بسؤالٍ لم يسألني له أحدٌ من قبل، فتفرستُ في وجهه الصغير بفضولٍ ثم سألته لماذا يفترض أن يكون لدي أسمٌ آخرٌ، فعلل بنبرةٍ واثقةٍ بأنه فكر طويلًا ولم يفهم لماذا يناديني سكان الحي بـ"عم حجازي" ويطلقون على شجرتي شجرة "غُردون". فأزحتُ النظارة عن عيني لأطالعه بذهولٍ وانبهار من حدة ذكائه. ولما طال تأملي له فاجأني بـ:

-        جدو حجازي، إنت اسمك الحقيقي غُردون، مش كدة؟

فانفلتتْ مني قهقهة عالية جعلتْ بائع الخردوات الذي كان يمر من أمامنا صائحًا: "خُرَدْ، خُرَدْ" ينتفض، ثم يهوي بسوطه على ظهر حماره الهزيل لينطلق مسرعًا في اتجاه "حِلِّة خُوجَلي".

فارتفعت قهقهتي من منظر الرجل المفزوع الذي ولى هاربًا وكأنه ظنَّ أني أضحك عليه، ولما أفقت من ضحكي الهستيري وجدتُ عمار يطالعني بغضبٍ عبر عنه باتهامه لي أنني أسخرُ منه، فمسحتُ دموعي وطلبتُ منه أن يقترب، ففعل منكسًا رأسه، فتلقيته بين ذراعي وعانقته بقوة، ثم قبلته على رأسه قبل أن أبعده لأنظر في عينيه وأؤكد له أن سبب ضحكي كان من صاحب الكارُّو، فلانت ملامحه، فاسترسلت في مدح ذكائه، فابتسم، فشعرت بالراحة، فعانقته من جديد وهمست له أنه عندما يبلغ الثالثة عشر من عمره ويدخل الصف الثامن سيدرس عن تاريخ الثورة المهدية ليتعرف على غُردون. فابتسم، فأجلسته على حجري وأخبرته أن أصدقائي أطلقوا على شجرتي شجرة غُردون لأنني كنت أنقل لهم تحت ظلها، حكايات نسيبي والد المرحومة زوجتي، عن عمال الري المصري والبعثات المصرية التي كان قد قصها لي تحت "شجرة غُردون" أو شجرة "محو بيك" في حي "الشجرة" بالخرطوم.

حك عمار رأسه ثم سألني عمن يكون هو غُردون، فعلمت أنه لن ينتظر ست سنوات ليبلغ الثالثة عشر ليتعلم عن الثورة المهدية وعن حصار الخرطوم، فقصصت عليه حكاية أشهر جنرالات العصر الفكتوري، الذي شارك في "حرب القرم" التي نشبت بين الإمبراطورية الروسية والدولة العثمانية بين عامي 1853-1856، ثم في "حرب الأفيون الثانية" في الصين قبل احتلال العاصمة "بكين" والعودة إلى شنغهاي مع أربعة ألفٍ من الفلاحين الصينيين المكلفين لقمع ثورة "تايينغ".

كانت عينا عمار تشعان فضولًا وهو يستمع لإسهابي في قصة غُردون الحقيقي الذي كرمته بريطانيا على شاكلة "لورانس العرب" ولقبته بـ "غُردون الصين" قبل أن يتم ابتعاثه إلى السودان لمواجهة "الثورة المهدية"، بعد تلقيه دعوةً من خديوي مصر لمهمة رسم خريطة لنهر النيل في مناطق جنوب السودان وأوغندا.

ختمت كلامي بقول إن الاسطورة البريطانية، الذي لم يعرف في حياته سوى الانتصارات، لقي حتفه في فجر الاثنين السادس والعشرون من يناير عام 1885، عندما اقتحم الثوار أنصار المهدي ومن بينهم جدي، بعد حصارٍ استمر 317 يوم، قصر الحاكم في الخرطوم، وقتلوه لينهوا بذلك حقبة العهد التركي التي كانت قد استمرت منذ عام 1821م.

توقفتُ عندما لاحظتُ عينيّ عمار تحدقان في الفراغ، فسألته ما به، فقال إن قصة غُردون الحقيقي تذكره بقصة "إدارد نِد ستارك"، بطل مسلسل "صراع العروش"، وبطل فانتازيا أغنية "الجليد والنار" وحاكم قلعة "وينترفل" القديمة في شمال مملكة "ويستروس"، وبأنه سيموت في نهاية المسلسل مقطوع الرأس مثل غُردون، ابتسمتُ له، فسألني إن كنت أشاهد مسلسل "صراع العروش"، فهززتُ رأسي بالنفي، ثم أخبرته أن آخر عهدي بالمسلسلات كان أيام التسعينات عندما كان أحفادي يشاهدون مسلسلات الكرتون: "مدينة النخيل"، و"لحن الحياة"، و"ماوْكلي فتى الأدغال"، و"طمطوم"، و"نوار"، و"عودة سنبل"، و"سالي"، و"بابار فيل" و"كابتن ماجد". واصل عمار التحديق في وجهي بفضولٍ، وقبل أن يسألني عن التفاصيل قلت ممازحًا أن هذه المسلسلات لا يعرفها جيل "الآيفون" و"الآيباد" مثله، فضحك ثم طلب مني أن أكلمه عن "كابتن ماجد".

في تلك اللحظة شعرتُ بوقوف ثلاثة من أصدقائه بجوارنا كانوا يتحينون الفرصة للانقضاض على صديقهم، وقبل أن أكلمه عن كابتن ماجد هجم عليه اثنان وسحباه من يديه بينما ظل يدفعه الثالث من الخلف إلى أن أعادوه إلى الميدان الترابي الملاصق لمقابر "حِلَّة حمد"، التي تضم أجساد أغلب أصدقائي، واثنان من أبنائي وجسد زوجتي وجسد حفيدي العشريني، أحد شهداء فض اعتصام القيادة، وكثيرٌ غيره من شهداء ثورة ديسمبر، وآخرهم وليد، شهيد الاعتصام المدني، المقتول في حي المزاد، الذي تلقى رصاصة غاضبة عندما لم يتحمل الشرطي أن يقول له:"ياجنابوا اشتغلوا شغلكم وفكوا بمبانكم وأزيلوا الترس، واحنا بنشتغل شغلنا وبنرجع الترس تاني".

تابعتُ عمار يدخل الملعب ويستأنف اللعب بمهارةٍ وحرفيةٍ ذكرتني بحواراتٍ سابقةٍ معه، أفصح لي فيها عن أمنيته أن يصبح لاعب كرة مشهور مثل كرستيانو رونالدو ونيمار أو ميسي، ليكي يلعبَ في يومٍ من الأيام في النوادي الأوربية الكبيرة مثل نادي برشلونة الإسباني أو اليوفنتوس الإيطالي أو سان جيرمان الفرنسي.

ذلك اليوم عندما سألته، لكي أختبر معلوماته، إن كان يعرف قاقرين وإبراهومة وحمد بريمة، صمت طويلًا ثم قال بتردد بأنه يعرف الأول فقط لأنه أول رجل وصل إلى القمر، فكتمت ضحكتي خشية أن يغضب مني، ثم وضحت له بهدوء عن اختلاط معلوماته، لأن "يوروي قاقرين" الذي يعرفه، هو أول إنسان يتمكن من الطيران إلى الفضاء الخارجي والدوران حول الأرض، أما أول رجل وصل إلى القمر هو "نيل آرمسترونغ"، فنظر إليَّ بفضول، فواصلت كلامي وقلت أن قاقرين الذي أقصده هو "عَلي قاقرين" وهو والاثنان الآخرين من أشهر لاعبي فريق المريخ وكرة القدم في السودان كشهرة ميسي ونيمار وكرسيتانو رونالدو في العالم، فاغتم وجهه قبل أن يسـألني بصوت حزين:

-        جدو حجازي، إنت مريخابي؟[2]

فكذبتُ وقلت: "لا"، لكي أطمئنه فأنجح في إعادة تلك الابتسامة الماكرة التي يتنكر بها ليخفي انهزامه الذي لن يعترف به أبدًا، فأشاع وجهه رضىً، فحاولت إدخاله في هزيمة أخرى وسألته إن كان قد سمع بهذه الكلمات:

يلا أولاد المدراس.....في رُبَى السودان وسَهْلُه

يلا شخبطوا في الكراريس.... أكتبوا الواجب وحَلُّه.

وكنت متأكدًا بأنه لن يستطيع الخروج من هذا المأزق، لكنه خيب ظني عندما صرخ بحماسٍ بأن لديه صديقة جميلة وموهوبة وذكية جدًا، تحب الموسيقى والرسم والغناء، تُدعى " رُبَى" هي من علمته كلمات هذه الأغنية لفرقة عقد الجلاد الموسيقية لأنها تحتوي على اسمها، فكانت تلك السهول وتلك الرُّبى هي من جعلني أنهزم أمام عمار تلك المرة.

نفضت الذكرى البعيدة، وعدت للانغماس في قراءة الصحيفة، تاركًا عمار يدور بالكرة باحترافية في الميدان الترابي.



باريس 27 ديسمبر 2019


[1] (وجهك بين ضفائر شعرك كالبدر ليلة التمام).

[2]  كلمة مريخاب تدل على مشجعي فريق كرة القدم "المريخ"، وهو فريق "الهلال" يمثلان أكثر الفرق الرياضية شعبية في السودان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق