الجمعة، 26 يوليو 2024

تأملات: الآية رقم (2) من سورة "محمد"

"وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ، ۙكَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ".

سورة "محمد"/آية رقم (2) 



هذه الآية توقفت عندها دون أن أستطيع تجاوزها،
عندما فتحت المصحف، قبل أيام، بطريقة عشوائية،
لأترك للكون فرصة أن يختار لي ما يناسبني في تلك اللحظة؛
أملا في تلقي إلهامات تسوقني لتأملات وتفكر وتدبر.
وقد كان.

استوقفتي كثيرا جملة "وأصلح بالهم"،
وتساءلت: ما معنى بالهم؟
هل هو "البال" الذي تستخدمه
عندما نتمنى لأحبابنا "راحة البال"،
لما نبادلهم التهاني السنوية بعيد الفطر وعيد الأضحى؟

ثم توقفت كثيرا مع جملة "الحق من ربهم"،
وجاء تفكري فيها كالتالي:
تأكيد جملة "وآمنوا بما نزل على محمد"،
بجملة وهو الحق من ربهم"،
تحمل دلالات وتشريفات كثيرة، في كلمتي الحق وربهم.
الحق: اسم من اسماء الله الحسنى،
والرب: هو المعيل والمسؤول.
وكأن الله يطمئن المؤمنين بالسير على طريق الحقيقة
قبل أن يشرفهم بهذا النسب باستخدام كلمة "ربهم"،
ليطمئنهم بأنه المسؤول عنهم والمعيل لهم
وبأنه لن يتخلى عنهم،
وبأنه سيكافئهم و سيعطيهم عطاء غير محدود،
جزاء على هذا الإيمان،
ألا وهو إصلاح البال.
ولكن، قبل إصلاح البال،
سيكفر عنهم سيئاتهم؛
ليحررهم من ثقل وزرها على اكتافهم،

وهنا تفكرت مرة أخرى في كلمة "أصلح"،
ووجدت أن الاصلاح يسبقه لا محالة إفساد أو فساد.
وتساءلت:
هل البال فاسد من تلقاء نفسه؟
أم أنه متعرض لفساد بفعل عوامل،
أتته من البيئة الخارجية؟

وهل البال، يمكن أن يكون العقل الباطن؟
وكيف يكون العقل الباطن فاسدًا ويحتاج إلى إصلاح ؟

وهل فساده ناتج عن برمجات سلبية
ومعتقدات خاطئة تم بذرها في تربته، رغما عنه؛
وأصبحت بديهيات نتباناها ونسلم بها بدون تفكير أو وعي ؟

وهل هذه صدفة أن تأتي هذه الآية في مطلع سورة تحمل اسم النبي "محمد"،
وهو الذي قال: إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق ؟

وهل هذه دعوة أخرى من الله لنا؛
لكي نبحث عن شمائل واخلاق هذا النبي؛
لنعرفها ونؤمن بها،
ثم نعيد بها برمجة حياتنا لنستحق عيش السعداء وراحة البال؟
قبل أن نتوجه بصدق؛
لمعرفة بقية تلك الاخلاق التي وجدت قبله، والتي جاء ليكملها،
لتكتمل الصورة في أذهاننا عن ذلك البنيان الاخلاقي،
فنسعى إليها بعزيمة طلاب علم مخلصين
محبين صادقين،
مدفوعين بتشجيع نبيهم :
أطلبوا العلم، ولو في الصين!

والصين هنا ليست فقط كناية للدلالة على بعد المسافة الجغرافية،
وانما أيضا كناية لمسافات نفسية
ودعوة لتقبل تلك المسافات الثقافية
والاجتماعية والعقائدية
التي قد تقف حاجزا بيننا
وبين تلقي العلم وتلقي الحكمة.

أو ليس هو الذي قال ذات مرة:
"الحكمة: ضالة المؤمن،

أنى وجدها،
فهو أحق الناس بها"؟

____________
*الصورة في براتيسلافا/عاصمة سلوفاكيا

يونيو 2024

#تسنيم_طه #تأملات #قرآنية #قرآن_كريم #تأمل #تفكر #تدبر #تدبرالقرآن #حكمة #نور #علم #شمائل_محمدية #أخلاق #سلام #محبة #محبةوسلام #تسامح #تنوير #إصلاح #البال #راحة #راحةالبال #سلام_داخلي #جمعةمباركة #براتسيلافا #باريس #الخرطوم #السودان #سلام_للسودان
#سلام_لكل_العالم 🌿🕊️🌿🕊️🌿


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق