الجمعة، 17 فبراير 2017

أملٌ في قليلٍ دائم

بقلم/ تسنيم طه




قال لها: يوماً ما سأعوضك كل هذا العطش،

وسأغدق عليك من الماء

شربةً لا تظمئين بعدها أبداً.

فلاذت بالصمت، وانكمشت،

وأغمضت عينها لتقاوم منظر قرب هلاكها.

وتمنت لو تستطيع البوح، والشكوى

والاعتراف بأن طبيعتها لا تتحمل،

وبأن أملها، ولهفتها في أن يبقى بجانبها: الآن وهنا.

ليتفضل عليها بقطرة ماءٍ واحدة،

واحدة فقط

بين الفينة والأخرى

 تعينها على البقاء

على قيد الحياة.

لكنها جبنت

فتراجعت، مخافة  أن تسبب له الألم.

وتنامى خجلها،

فجفلت بصمت خجول،

وقطعت على نفسها عهداً

أن تعطيه الأمان، والسلام، والوفاء.

ما دام أنه يوليها هذه الثقة،

فلن تخيب ظنه.

وستظل صامدةً، لتبقى وردته الوفية،

الرقيقة،

الطائعة.

وستتشبث بالحياة،

لكي تحمي نفسها

وتحمي بقاءه في داخلها.

وإن كان لابد أن تفارق،

 فلن تخون ذكراه العطرة بالتضجر،

وحتي في لحظات الاحتضار،

من قسوة انتزاع روحها بسببه، ستذكره.

ولكن أليس هذا محال؟

فكيف لوردة تكابد الظمأ طوال العام،

وتوشك أن تموت معه في كل حين

أن تظل وفية؟

هل بإمكانها إخباره

 أن وردته المدللة مهما كانت صبورة

ومثابرة، فهي في النهاية

وتحتاج العناية

لكيلا تموت؟

لا لن تستطيع

فالموت أهون عليها من البوح

وابداء الانكسار.

سأظل صامدة صمود الجبال،

وإلى آخر رمق، قالت في نفسها.

ثم رددت: "وإما حياة تسر الصديق، وإما ممات يغيظ العدا"

عجباً لأمرك يا وردة !

على الدوام، تسحبين نحو الموت

وفي كل مرة تتعلقين بالآمال

أما آن لك أن تفهمي

أن مقاومة الظمأ لن تدوم؟ 

وبأنك مهما اعتدت العيش تحت ظلال الحرمان

فإنك لن تهزمي الموت

في رحاب النعمة ان جاءت بعد فوات الأوان؟

لأن االقاعدة تقول: "كثرة الماء تضر الزرع كما أن غيابه يهلكه".

فنجاتك يا وردة في قليل دائم، 

 لا في كثير منقطع،

ولكن أنَى لك ذلك؟

 

****

تسنيم

باريس 19 فبراير 2015

هناك 3 تعليقات: