الأربعاء، 28 سبتمبر 2022

حوار: تسنيم طه: أوصي نفسي والجميع بالقراءة

حوار/إعداد: آن الصافي




المهتمون بالرواية العربيّة ـ جمهورًا ونقّادًا ـ يدركون مدى تطورها ووجودها الفاعل في الساحة الأدبيّة، وإذا كان الرجل ـ كاتبًا وأديبًا ـ قد سيطر على مجال الإبداعي الشعريّ والروائيّ في السودان لعقود طويلة، فقد برزت في الآونة الأخيرة الكثير من الأصوات النسائيّة، منهنّ الكاتبة والروائيّة تسنيم طه كاتبة، سودانيّة تقيم بفرنسا، لها عدد من الأعمال الروائيّة والقصصيّة المنشورة.

في الحوار التالي نتعرف آراءها في بعض المحاور المتعلقة بعوالم الثقافة والأدب.

 

-ماهي أدوات السرد التي تشغل مخيّلة المبدعة تسنيم طه لتقديم منتوجها الإبداعي؟

أكثر ما يشغل بالي أثناء الكتابة هو إجادة بناء الحبكة، ومراعاة عامل التشويق بوصفه أداة أولى للسرد؛ لأن التشويق وحده أهمّ عنصريجعل القارئ يواصل القراءة، وليس وهو لا ينحصر فقط في جمال الكلمات وتنميقها. لذلك آخذ وقتًا طويلًا في التساؤل: كيف أطرح فكرتي بوضوح ومنطقيّة وتشويق؟ وكيف أتقن رسم الشخصيّات ليسهل عليَّ توظيفها في تطوير الحبكة؟ وكيف أمسك بتلابيب القارئ ليواصل القراءة حتى النهاية وأجعله يقع في غرام ما أكتب.

 

-إلى أيّ مدًى ـ وأنت مغتربة بفرنسا ـ يؤثر الاغتراب على الكاتب في اتساع الرؤيا، خاصة عندما تتعلق بقضايا وطنه؟

 أعتقد أننا كلما ابتعدنا عن أوطاننا، حنَنا إليها، وانشغلت عقولنا رغمًا عنها بهمومها وقضاياها؛ فالوطن ليس المكان الذي نسكنه، ولكنه المكان الذي يسكننا. ويمكن للإنسان أن يستفيد من غربته بأن يعكس صورة جميلة عن وطنه للآخر، وربما يقدر بوفائه وحرصه على تقديم وطنه في أبهى صورة أبوابًا تساعده على إزاحة بعض من الهموم على أرض الوطن حيث يقطن أحبابه وأهله وأبناء جلدته.

 

-هل يغري مفهوم النسوية توجهك نحو تقديم الأعمال السرديّة؟

لديَّ بعض التحفظ في استخدام مصطلح «النسويّة». أما قضايا النساء، فتمثل جزءًا من المشاريع التي أعمل عليها من منطلق تصوير الواقع بدون مغالاة أو تعصب.

 

-هل الجوائز تصنع اسم المبدع أم العكس؟

 الجوائز في مجتمعنا العربي تسهل فقط عمليّة التعريف بالكاتب، لأنّه - للأسف - ليست هناك وسائل أخرى كما في الغرب، وفي فرنسا على سبيل المثال، حيث يمكن للكاتب أن يعرف من خلال لقاءات مع القراء في المكتبات العامة، وضمن فعاليات أخرى تنظمها وزارة الثقافة وتغطيها الصحافة والإعلام.

 

-كثير من الكتاب المهاجرين استطاعوا أن يكتبوا إبداعهم بأكثر من لغة، لا سيما لغة مغتربهم، فهل يعدّ ذلك إضافة مهمّة لمنجزهم الثقافيّ، أم لا بدّ من الكتابة باللغة الأم ـ العربيّة في حالنا ـ حتى تضاف لرصيد الكاتب؟

 

لكي يُعرف الكاتب في منطقة ما، يجب لأعماله أن تتوافر بتلك اللغة، حتى يصل لأكبر عدد من القراء؛ إما عبر الكتابة مباشرة بها، أو عبر الترجمة. وهناك كتاب من أصول عربيّة كتبوا بالإنجليزيّة أو الفرنسيّة أو غيرها، واشتهروا في أوروبا وغيرها، ولكنّهم ما زالوا غير معروفين في الوطن العربي لعدم توافر أعمالهم بلغة الضاد.

 

-على الرغم من الأزمة السياسية السودانيّة التي أثرت بالسلب على انسيابيّة التواصل بين الكتاب، لانقطاع شبكة الانترنت لفترات طويلة، إلا أنّ جائحة كورونا كانت سببًا مباشرًا في رفد الساحة الأدبيّة والثقافيّة عبر الجلسات والمنتديات الافتراضيّة، كيف يستفاد من هذا الانتشار؟

كان لفترة الحجر الصحي دور إيجابيّ كبير في الإنتاج الإبداعيّ، لكثير من الكتاب، وأنا واحدة منهم، حيث تمكنتُ من إنهاء كتابة روايتي «صنعاء-القاهرة-الخرطوم» أيام الحجر الصحي الأول عام 2020م.

ومن إيجابيّات تلك الفترة على الساحة الأدبيّة السودانيّة، كان ظهور منصة «منتدى الرواية السودانيّة»، التي قدمت خلال هذين العامين وحتى الآن أكثر من 35 رواية عبر منصات الزووم والواتساب وفيس بوك. ومن هنا أتقدم بالشكر لجميع الأعضاء المشرفين عليها من خلف الكواليس، ولجميع النقاد والقراء خارج وداخل السودان الذين واصلوا العطاء رغما عن صعوبة الظروف التي مر بها السودان بعد الثورة.

 

-كلمة ختاميّة توجهينها للكتاب والقراء وجميع المبدعين في الحقل الأدبي الثقافي؟  

الكلمة التي توحدنا قراءً وكتابًا هي القراءة،  لذلك أوصي نفسي والجميع بالقراءة وفن التخطيط للقراءة. ليس فقط لأنّها تفتح عقولنا وتوسع مداركنا وتحسن من مستوى مفرداتنا اللغويّة وتقوي ملكة الخيال والإبداع فينا، وتساعدنا على الاسترخاء؛ ولكن أيضًا لأننا عبر القراءة نستطيع السفر ونحن في أماكننا؛ فنكتشف أماكن بعيدة وثقافات أخرى، ونتفهم ثم نتقبل الآخر؛ ونخلص عقولنا من المفاهيم السلبيّة، التشدد والتعصّب والسطحيّة، ونفهم أنّ هذه الأرض لنا جميعًا، وأنّ الكلّ يستحق العيش فيها بسلام.



لقراءة الحوار من مصدره على مجلة " سيقلس بوست":

 

https://www.seagullspost.ca/post/%D8%AA%D8%B3%D9%86%D9%8A%D9%85-%D8%B7%D9%87-%D8%A3%D9%88%D8%B5%D9%8A-%D9%86%D9%81%D8%B3%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D9%8A%D8%B9-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A9






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق