بقلم/تسنيم طه
بكائي عليــــه من فؤادٍ مفجع......ومن
مقلةٍ ما شُوهِدتْ قَطُّ باكِيــة
بكائي على هذ الشباب الذي ذوى....
وأغصانه تختالُ في الروضٍ ناميـة
. ويا عارفيــه لا تضنوا
بذكرهِ....ففي الذكرِ رجعى من يد الموت ناجية.
هذه أحد ابيات القصيدة التي رثى فيها الأديب المصري عباس محمود العقاد، معاوية
محمد نور، أول أديب سوداني يكتب بالصحافة المصرية، ورائد الحداثة والقصة
القصيرة في السودان، لاسيما مشروعه النقدي الذي عكف عليه خلال مقالاتٍ نشرها في
عشرينيات وثلاثينات القرن الماضي في الصحف المصرية، انقطعت سريعًا دون أن تكمل ما
كان يجول في فكر صاحبها الذي وافته المنية وهو شابٌ في مطلع الثلاثينات من عمره،
نتيجة اصابته بمرض ذهني غامض مصحوب بداء عضوي.
ولد في مدينة أم درمان عام 1907، في عائلة ميسورة الحال،
وعاش في حي الموردة برفقة خاله، الذي رباه بعد وفاة والده وهو في سن العاشرة. وكان
خاله الدرديري محمد عثمان، من أوائل المتعلمين، حيث شغل منصب قاض بالمحكمة العليا
وعضوا بمجلس السيادة بعد الاستقلال في 1956، وكان له الفضل في تهيئة بيئة تعلم
ومعرفة، شحذت ذهن الغلام مبكرًا بحب الأدب والعلوم الحديثة.
وبعد تلقيه للتعليم التقليدي، انتقل معاوية نور للمدارس
الحديثة في عهد الاستعمار الإنجليزي، ودخل كلية غُردون لدراسة الطب، وكان من
المتوفقين، غير أنه تركه سريًعا بسبب تغلب ميوله الأدبية التي دفعته للمغادرة إلى
لبنان بمساعدة خاله، للدراسة في كلية الآداب بالجامعة الأمريكية في بيروت، ليخبر
تجربة الاحتكاك بالثقافات الأخرى، التي ستساهم في تفتح مداركه، وتبلور مفاهيمه
لنقد الأدب والثقافة، نقد فيها بجرأة أسماء كبيرة في الوسط الأدبي، أمثال سلامة
موسى وإبراهيم المازني.
في تلك الفترة، نشر معاوية نور، مقالاتٍ ونصوصٍ ودراساتٍ
اجتماعيةٍ وفلسفيةٍ، في مطبوعاتٍ وصحف ومجلات مصرية في القاهرة مثل "جريدة
مصر"، و"البلاغ الأسبوعي" و"الرسالة" و"مجلة
المقتطف" و"الهلال".
تميز منهج معاوية نور بالبحث والتجريب والتنوع والجرأة،
كان نتاجًا لنهمه الأدبي وقراءاته لأدباء عالميين أمثال: دستويفسكي وهمنغواي،
وتشيكوف وشكسبير، وأميل زولا وبرناردشو وليو تولستوي، وآخرين عرب أمثال: طه حسين
وعباس محمود العقاد، وجبران خليل جبران.
وبعد اكمال دراسته في بيروت، انتقل معاوية نور إلى
القاهرة، ليحتك بالأوساط الثقافية ويصبح محررًا بجريدة مصر بالصفحات الأدبية،
مستمرًا في نشر قصصه ودراساته مقالاته، حيث سيتعرف بالعقاد، الذي سيرثوه بقصيدة
تأسف فيها على شبابه الضائع.
وقد كان معاوية نور أحد المؤسسين لجماعة الأدب القومي،
التي كان يرأسها الدكتور محمد سعيد هيكل، وكان يرى أن مهمة الأدب القومي هي الحفاظ
على عبقريات الأمم وخصائصها الفكرية والشعورية والوان المزاج وطرق التفكير وأصناف
الاحاسيس، ذاكرًا مثال الأدب الروسي الذي تمثلت عبقريته في انسانيته الواسعة، وصراحته
البسيطة.
من أشهر مقالاته:
" فتور الأدب القصصي"؛ " الأدب القومي"؛ " معنى الثقافة"؛ "كيف نقرأ"؛ "كيف نفكر؟"؛ "ركود الأدب العربي المعاصر" ؛ " الذوق الأدبي"؛ "الأدب الرفيع" ؛ " لعلم والأخلاق" و"فلسفة الأسلوب".
من قصصه القصيرة:
-
أم دُرمان مدينة السراب والحنين
-
ابن عمه
-
إيمان
-
المكان
-
الموت والقمر
- في القطار
- في الخرطوم
من أشهر خواطره اليومية:
- لا يصح ولا يعقل
- غاندي
- ساروجيني
نايدو
-نحن وجائزة نوبل.
- تكريم النبوغ.
صحيح أن حياته كانت قصيرة، إلا أنها كانت حافلة بإنجازات وعمل مثمر، ساهمت في أن يطلق عليه رائد القصة القصيرة في السودان، وخاصة بعد قصته المسماة "المكان"، التي بذرت القصة السودانية المبنية على الإطار التجريبي الحداثوي الممزوج مع الثقافة الغربية.
-------
المصادر:
*رواية "نور:
تداعي الكهرمان"، للروائي السوداني جمال محمد إبراهيم.
**موقع سودانيز أون لاين: https://sudaneseonline.com/board/160/msg/1207113542.html
مجلّة الدوحة الثقافية الشهرية، عدد يوليو 2018، من خلال كِتاب جمع بين مقالات
وقصص قصيرة كتبها معاوية نور، تحت عنوان "بين ثقافتين".
**-**
لقراءة قصته " أم درمان: مدينة السراب والحنين" : https://tasnimtahaa.blogspot.com/2021/01/blog-post_74.html
تسنيم
باريس 14 يناير 2020