اعداد وحوار/
حنان على كابو
1-هل الكتابة وفاء؟ ومتى تشعر الروائية بذلك؟
نعم،
أعتقد أن الكتابة وفاء
وفاءٌ
لذواتنا...لفرحنا وألمنا وحزننا.
وفاءٌ
لأحلامنا...لبراءتنا وإبداعنا وفننا.
وفاءٌ
لمحيطنا...تاريخينا، حقبتنا وتراثنا.
ووفاءٌ
لشهوة الخلود فينا.
وكروائية،
وفائي يتركز على مواصلة التعلم واكتساب معرفة متعمقة في مجال فن كتابة الرواية من
إجادة لصناعة الحبكة ودقة رسم الشخصيات، ووضوح الفكرة وبناء الفضاء القصصي، وتجويد
اللغة العربية التي أكتب بها. والأهم والأصعب هو إيجاد وسائل ناجعة تزلل عليّ صعاب
قواعد النحو العربي.
2-هل
خضت تجربة مع أبطالك وشعرت إن من الخيانة التخلص منهم وإنهاء دورهم؟ في أية رواية
شعرت بذلك؟
لدي
علاقة ارتباط غريبة مع "شمس" بطلة رواية صنعاء-القاهرة-الخرطوم".
وربما ارتباطي بهذه الشخصية بالذات، من بين عشرات الشخصيات في قصصي القصيرة، هو أنها
بطلة روايتي الأولى، وأنني بذلت جهدا كبيرا في تمويهها في مرحلة البناء الأولى قبل
السرد، حتى لا تبدو الرواية وكأنها سيرة ذاتية.
فعلًا
عندما أنهيت الرواية، التي كانت لا بد وأن تنتهي، وانغمست في كتابة عمل جديد،
انتابني شعورٌ مرير بأنني أخذل بطلتي المحببة وأتخلى عنها بإيقاف قصتها عند ذلك
الحد. وهذا الشعور لم يكن خيانة بالمعنى الصحيح أكثر مما هو نوع من الحنين الجارف
والشوق المقدس، كما نحِنُّ ونشتاق لأناس نحبهم ويحزننا أن نفارقهم.
ربما
من أجل ذلك، نجحت شخصية "شمس" في أن تتلبسني طوال الوقت وتدفعني لتخيل
مصيرها المستقبلي، إلى أن أقنعتني، وكأنها من لحم ودم ذات رأي وكينونة تحركها
غريزة البقاء، بأن أجعلها تواصل العيش والحركة داخل عالمي السردي، لتنجح في الظهور
مرة أخرى متخفية وراء ظل شخصية ثانوية في روايتي الثانية.
3-
ما جدوى الكتابة في حياة تسنيم؟
هناك
نوعان من الكتابة في حياتي.
النوع الأول هو الكتابة التوثيقية، المتمثلة في تدوين اليوميات، والتي تكون ارتجالية وبدون مجهود. فعندما أكتب يكون لإسعاد نفسي، من أجل حفظ الذكريات والتأريخ، ولا أهتم كثيرا لأن أقع في غرام ما أكتبه. فقط أخرجه من رأسي وأسجله وكفى.أما في النوع الثاني، أي الكتابة الإبداعية، المتمثلة في كتابة القصة والرواية والمقال أو الخاطرة، فالأمر مختلف.
ولأنني
أكتب لكي يقرأ لي الآخرون، ينتابني القلق وتؤرقني التساؤلات: كيف أطرح فكرتي بوضوح
وتشويق ومنطقية؟ وكيف أجعل القارئ يقع في غرام ما أكتبه؟ وكيف أمسك بتلابيب القارئ
ليواصل القراءة حتى النهاية؟
ففي
عصرنا سريع الإيقاع هذا، ليس للقراء صبر على قراءة نصوص طويلة. وما أن يكتشف
القارئ غياب التشويق في الصفحات الأولى، حتى يفقد شغف القراءة ويرمي بالكتاب
جانبًا.
أما عن جدوى الكتابة بالنسبة لي، فهي متنفس ووسيلة
للاتصال بعالمي الداخلي، حتى لا أنسى نفسي طويلًا بين روتين مشاغل الحياة اليومية
والمسؤوليات العائلية والالتزامات المهنية؛ وهي لعبة مسلية أجد فيها متعة التجريب،
والبحث عن تقنيات جديدة لصناعة الحبكات، وطرق شيقة لنسج القصص وسرد الحكايات.
4- هل الغربة سواء روحية أو
مكانية تجعل من الوطن أهم قضايا الروائي؟
أما بالنسبة للأوطان الجغرافية، وكما يقول المثل السوداني "البُعُد مَحَنَّة"، أعتقد أن الإنسان كلما ابتعد عنها وعاش في الغربة، كلما حنَ إليها وأجبر على الوفاء لها، وانشغل عقله رغمًا عنه بهمومها وقضاياها. واعتقد أن الوطن ليس المكان الذي نسكنه. ولكنه المكان الذي يسكننا.
تسنيم طه/كاتبة من السودان- باريس
------------
لقراءة المقال
من مصدره: