الأربعاء، 28 أبريل 2021

قراءة نقدية لرواية "صنعاء القاهرة الخرطوم"

بقلم/ الكاتب التونسي ناصر الرقيق


رواية " صنعاء القاهرة الخرطوم"

 للأديبة السودانية Tasnim Taha

 -------

 لي علاقة خاصّة بالسودان وأرض  السودان و أهل السودان و خاصة خاصة أدب السودان.

أجد متعة كلّما قرأت لأديب سوداني أو أديبة سودانية.

أوّل انطباع يحضرني، أنّ أدب السودانيين يُشْبِهُهُمْ ففيه ريحة أرضهم و أكلهم و لباسهم و طقوس حياتهم.

أن تقرأ لأديب سوادني أو أديبة سودانية يعني أنّك تسافر إلى هناك إلى أرض السودان، فجهّز نفسك للرحلة قبل أن تبدأ الكتاب.

تسنيم طه أديبة سودانية مقيمة بفرنسا، حين بدأت قراءة روايتها البكر « صنعاء، القاهرة، الخرطوم» كنت أعرف أنّي مقبل على رحلة تبدأ من أرض اليمن لتنتهي في أرض السودان.

هذه الرواية تشبه صاحبتها، فكلاهما رحّالة مرتحل، رواية تأخذك لعوالم صنعاء فالقاهرة ثمّ الخرطوم.

تحكي تسنيم طه حكاية أبطالها الذين أخذتهم الأقدار لثلاث عواصم عربية فتنازعتهم العادات و التقاليد و تشتّتت مشاعرهم و أحاسيسهم بينها، تغوص في التاريخ فتذكر منه محطات مهمّة تسقطها على الحاضر الذي ليس إلاّ دورة جديدة له.

تتكلّم على لسان المرأة و لسان الرجل أيضا، تكشف أو تحاول فكّ شيفرة هذه العلاقة المعقّدة بين الإثنين التي تبنيها و تحكمها و تسيّجها تراكمات عديدة تعارف الناس عليها فصاروا يتحاكمون إليها في تنظيم هذه العلاقة.

تسنيم طه ساردة هادئة طَبِيعَةً، و هي كذلك كِتَابَةً!!

تستشعر ذلك في وصفها لمحطّات ساخنة كالثورة السودانية وما تلاها من أحداث، فرغم سخونة الموقف حافظت الكاتبة على هدوء الحدث دافعة بذلك القارئ للشعور بالركود و كأنّ قدر الأقطار العربية ألَّا شيء سيتغيّر فيها رغم الثورة و الدماء و الدموع.

كانت تجربة جيّدة لي أن أقرأ لقلم نسوي سوداني عميق، أخذني للتعرّف عن السودان من خلال العيش مع شخصيّات الرواية وعلاقاتهم ببعضهم وعاداتهم وانماط حياتهم.

 

شكرا تسنيم طه على هذه النافذة التي فتحتها لنا لنطلّ من خلالها على بلد يعزّ علينا.

وكلّ التوفيق والنجاح.

**-**

فرنسا/21 مارس 2021

الخميس، 8 أبريل 2021

مِحْرَاب

بقلم/ تسنيم طه




مُسرنمةٌ؛

على هُدىً أمضي. 

أتلمسُ نتوء السديم في حُلمي،

وأحبو على خاصرة الذكرى المُسْكِرة.

 أتهادى وأميل؛  

لأتوه في دروب واديكَ الوهاجة؛

فتدغدغني خشونة أغصان القصب،

وينعشني ندى الرزاز في أفرعك.

 بنعومةٍ، يقتحم أنفي شذى بذور الطلع،

فتراودني رائحة أريجك الفواحة،

لتسول لي الانغماس في الثمالة.

بحبورٍ، يطربني تغريد السنونو على فننك،

فأشدو معه بخشوعٍ وخفة؛

لأوشك على الطيران بلا أجنحة.

 

 بسخريةٍ، يهزأ بي شعاع شمسك الساطع،

ليغويني بالصحوة

وبالانسلاخ من إيهاب غياهبك الشهية.

 

 بعنادٍ، تقاوم عيناي مفارقة دُجي ليلك البهيم،   

ونداوة الفجر،

 وفتنة غسقه.  

 

وأنا كما أنا؛

أواصل المسير:

بتؤدةٍ ورويةٍ وتسرنمٍ.

 

فلا توجس بعد الآن،

ولا تخوفٍ من مجهول،

ولا تردد أو عصيان؛  

فقد ألفتُ الخشوع في محرابك.


***
باريس
29/04/2015
14:56